تُواجهُ العالم تحديًا متزايدًا في إدارة النفايات البلاستيكية، ومعالجة آثارها البيئية. تتصدر شركة بورياليس، وهي إحدى أكبر مجموعات الكيماويات في أوروبا، جهود الابتكار في مجال إعادة تدوير البلاستيك وتحويله إلى منتجات عالية الأداء. تستثمر الشركة بشكل كبير في البحث والتطوير لتقديم حلول مستدامة لمشكلة التلوث البلاستيكي، مع التركيز على تقليل التسرب البيئي وتعزيز الاقتصاد الدائري.
يقع المقر الرئيسي للابتكار في شركة بورياليس في مدينة لينز بالنمسا، حيث يضم منشأة بحثية ضخمة تحاكي خطوط الإنتاج الفعلية. تهدف هذه المنشأة إلى اختبار وتطوير مواد بلاستيكية معاد تدويرها يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءًا من الأنابيب وقطع غيار السيارات وصولًا إلى مواد التعبئة والتغليف.
أهمية إعادة تدوير البلاستيك والابتكارات الرائدة
تعتبر إعادة تدوير البلاستيك أمرًا بالغ الأهمية للحد من التلوث البيئي والحفاظ على الموارد الطبيعية. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، ينتج العالم أكثر من 300 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، ومعظمها ينتهي في مدافن النفايات أو المحيطات. تسعى بورياليس إلى تغيير هذا الواقع من خلال تطوير تقنيات جديدة لتحويل النفايات البلاستيكية إلى مواد خام عالية الجودة.
التركيز على الاقتصاد الدائري
تتبنى بورياليس نموذج الاقتصاد الدائري، الذي يهدف إلى إبقاء المواد قيد الاستخدام لأطول فترة ممكنة. يشمل ذلك تصميم المنتجات بحيث تكون قابلة لإعادة التدوير، وجمع النفايات البلاستيكية، ومعالجتها وتحويلها إلى مواد جديدة. تؤكد الشركة أنها لا تقتصر على إعادة التدوير التقليدية، بل تعمل على “الترقية” للنفايات البلاستيكية، أي تحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى.
مشروع “STOP” في إندونيسيا
أطلقت بورياليس في عام 2017 مشروعًا يسمى “STOP” في إندونيسيا، وهو أحد البلدان الأكثر تضررًا من التلوث البلاستيكي. يهدف المشروع إلى تحسين إدارة النفايات البلاستيكية في المناطق الساحلية، حيث يبلغ معدل جمع النفايات حوالي 40٪ فقط. وقد نجح المشروع في ربط أكثر من 600 ألف شخص بخدمات إدارة النفايات وخلق 260 فرصة عمل محلية، وفقًا لتصريحات الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر بورياليس في تطوير مواد بلاستيكية جديدة قابلة للتحلل الحيوي، وهي بديل واعد للبلاستيك التقليدي. تتميز هذه المواد بقدرتها على التحلل بشكل طبيعي في البيئة، مما يقلل من تأثيرها السلبي على الكائنات الحية.
الاستثمار في البحث والتطوير
تولي بورياليس أهمية قصوى للبحث والتطوير، حيث تمتلك الشركة أكثر من 12 ألف براءة اختراع. يركز فريق البحث والتطوير على تطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير أنواع مختلفة من البلاستيك، بما في ذلك البلاستيك المختلط والبلاستيك الملوث. كما يعمل الفريق على تحسين خصائص المواد البلاستيكية المعاد تدويرها، مثل قوتها ومتانتها ومقاومتها للحرارة.
تتعاون بورياليس مع العديد من الجامعات والمؤسسات البحثية في جميع أنحاء العالم لتسريع عملية الابتكار. تهدف هذه الشراكات إلى تبادل المعرفة والخبرات وتطوير حلول مستدامة لمشكلة التلوث البلاستيكي. الابتكار في مجال البلاستيك هو مفتاح تحقيق مستقبل أكثر استدامة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه عملية إعادة تدوير البلاستيك، مثل ارتفاع تكلفة جمع وفرز النفايات البلاستيكية، ونقص البنية التحتية اللازمة لإعادة التدوير في بعض البلدان. بالإضافة إلى ذلك، فإن جودة المواد البلاستيكية المعاد تدويرها قد تكون أقل من جودة المواد البلاستيكية الأصلية، مما يحد من استخدامها في بعض التطبيقات.
الاستدامة البيئية هي هدف رئيسي للشركة، وتسعى بورياليس إلى تحقيق ذلك من خلال تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في عملياتها الإنتاجية. كما تلتزم الشركة بتوفير معلومات شفافة حول تأثير منتجاتها على البيئة.
من المتوقع أن تواصل بورياليس الاستثمار في البحث والتطوير وتوسيع نطاق عملياتها في مجال إعادة تدوير البلاستيك في السنوات القادمة. تعتزم الشركة إطلاق المزيد من المنتجات المصنوعة من مواد بلاستيكية معاد تدويرها وتوسيع نطاق مشروع “STOP” ليشمل بلدانًا أخرى. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حلول فعالة من حيث التكلفة وقابلة للتطبيق على نطاق واسع لمعالجة مشكلة التلوث البلاستيكي العالمية. ستراقب الصناعة عن كثب التقدم المحرز في تطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير البلاستيك، والسياسات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الدائري، وتطور سلوك المستهلكين فيما يتعلق باستخدام البلاستيك.

