أصدر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته تحذيرًا شديد اللهجة للأوروبيين من أن روسيا قد تشن هجومًا خلال السنوات الخمس المقبلة. يأتي هذا الإعلان من برلين، ويتوافق مع تقارير من عدد من وكالات الاستخبارات الغربية، بينما وصفت موسكو هذه التصريحات بأنها “هستيريا”. وتتزايد المخاوف بشأن الأمن الأوروبي مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
في غضون ذلك، دعت الولايات المتحدة أوكرانيا إلى سحب قواتها من منطقة دونباس، تمهيدًا لإقامة منطقة اقتصادية حرة في تلك المناطق. تأتي هذه الدعوة في وقت حرج بالنسبة لأوكرانيا، حيث تسعى للحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها. ساشا فاكولينا، مراسلة يورونيوز في أوكرانيا، تقدم أحدث المستجدات.
تصاعد التوترات وتأثيرها على الأمن الأوروبي
تأتي تصريحات روته في سياق تدهور العلاقات بين روسيا والغرب، وتصاعد التوترات العسكرية في أوروبا الشرقية. تعتبر روسيا أن توسع الناتو يشكل تهديدًا لأمنها القومي، بينما يرى الحلف أن روسيا تسعى لزعزعة استقرار المنطقة. وقد حذر مسؤولون في الناتو مرارًا وتكرارًا من أن الحلف مستعد للدفاع عن جميع أعضائه في حالة وقوع هجوم.
تحذيرات الاستخبارات الغربية
تشير تقارير متعددة من وكالات الاستخبارات الغربية إلى أن روسيا تعمل على إعادة بناء قدراتها العسكرية، وأنها قد تكون قادرة على شن هجوم كبير على أوروبا في غضون السنوات القليلة المقبلة. وتشمل هذه التقارير تحذيرات بشأن احتمال شن هجمات هجينة، مثل الهجمات السيبرانية والتضليل الإعلامي، بالإضافة إلى الهجمات العسكرية التقليدية.
في المقابل، ترفض روسيا هذه الاتهامات وتصفها بأنها “لا أساس لها من الصحة”. ويؤكد الكرملين أن روسيا لا تخطط لشن أي هجوم على أوروبا، وأنها تسعى فقط إلى حماية مصالحها الأمنية. ومع ذلك، فإن هذه التصريحات لم تفعل الكثير لتهدئة المخاوف المتزايدة في الغرب.
تتزامن هذه التطورات مع مناقشات حول مستقبل المساعدات الغربية لأوكرانيا. دعت الولايات المتحدة إلى سحب القوات الأوكرانية من دونباس كشرط لإقامة منطقة اقتصادية حرة، وهو ما يثير جدلاً واسعًا حول التنازلات المحتملة التي قد تقدمها أوكرانيا مقابل الدعم الاقتصادي والأمني.
من ناحية أخرى، تتناول رئيسة البنك الأوروبي للاستثمار، ناديا كالفينيو، قضايا أخرى مهمة تؤثر على الاقتصاد الأوروبي. وتشمل هذه القضايا رئاسة مجموعة اليورو، وتعليقات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول تراجع أوروبا، والوضع الاقتصادي العام للاتحاد الأوروبي.
في بلغاريا، استقالت الحكومة في أعقاب احتجاجات واسعة النطاق ضد الفساد. تأتي هذه الاحتجاجات في وقت حرج بالنسبة لبلغاريا، حيث تستعد للانضمام إلى منطقة اليورو في الأول من يناير. ويثير هذا الوضع تساؤلات حول استقرار البلاد وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية.
وفيما يتعلق باتفاقية ميركوسور، يواجه المفاوضون في بروكسل ضغوطًا متزايدة للتوصل إلى اتفاق نهائي. وقد استغرقت المفاوضات حول هذه الاتفاقية التجارية أكثر من 25 عامًا، وتعتبر من أهم الصفقات التجارية التي يمكن أن يبرمها الاتحاد الأوروبي. ويشرح مراسل يورونيوز، ياكوب ياناس، الأسباب التي تجعل الأسبوع المقبل حاسمًا بالنسبة لهذا الاتفاق.
تأثيرات محتملة على الاتحاد الأوروبي
يمكن أن يكون لتصاعد التوترات مع روسيا وتطورات أخرى مثل استقالة الحكومة البلغارية وتأخر اتفاقية ميركوسور تأثيرات كبيرة على الاتحاد الأوروبي. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الإنفاق العسكري، وتراجع النمو الاقتصادي، وتأخير الإصلاحات الهيكلية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الانقسامات السياسية داخل الاتحاد الأوروبي.
تعتبر قضية السياسة الأوروبية معقدة، وتتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الدول الأعضاء. ومع ذلك، فإن الاختلافات في المصالح والأولويات غالبًا ما تعيق اتخاذ القرارات الحاسمة.
تتزايد أهمية متابعة هذه التطورات، خاصةً مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية. من المتوقع أن تكون قضايا الأمن والدفاع والاقتصاد في صدارة اهتمامات الناخبين.
من المتوقع أن يستمر الناتو في تعزيز وجوده العسكري في أوروبا الشرقية، وأن يواصل الضغط على روسيا لخفض التصعيد. في الوقت نفسه، من المرجح أن يركز الاتحاد الأوروبي على تعزيز قدراته الدفاعية الخاصة، وتنويع مصادر الطاقة، ودعم الاقتصاد الأوكراني.
في الأيام والأسابيع المقبلة، يجب مراقبة رد فعل روسيا على تحذيرات الناتو، وتطورات الوضع في أوكرانيا، ومفاوضات اتفاقية ميركوسور، والوضع السياسي في بلغاريا. ستكون هذه التطورات حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات الدولية ومسار الأمن والاستقرار في أوروبا.

