أثار الهجوم الإرهابي الأخير في أستراليا تحذيرات عاجلة من مسؤولين استخباراتيين وخبراء مكافحة الإرهاب بشأن تصاعد خطر الجماعات الجهادية العالمية، حتى مع استمرار الحكومات الغربية في تصوير تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على أنه ضعيف أو في تراجع. ويؤكد المحللون أن الهجوم يسلط الضوء على تقييم خاطئ مستمر في العواصم الغربية بشأن قدرة الجماعات الإرهابية على التكيف والانتشار.

تصاعد خطر تنظيم داعش عالميًا

قال بيل روجيو، الباحث البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وأحد أطول المراقبين للحركات الجهادية، إن الهجوم في أستراليا يوضح سوء تقدير مستمر في العواصم الغربية. وأضاف روجيو، المحرر الإداري لـ “The Long War Journal”، أن تنظيم داعش لا يزال بعيدًا عن التفكيك على الرغم من انهيار ما يُسمى “الخلافة” الإقليمية التي أعلنها التنظيم.

وأشار إلى استمرار تواجد داعش في أفغانستان، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى وجود حوالي 2000 مقاتل من التنظيم. وهي أعداد لا تعكس بالضرورة حالة هزيمة تامة. وأكد روجيو أن هذه الجماعات لا تزال قادرة على تجنيد وتلقين الأفراد، وأنها ما زالت تحتفظ بملاذات آمنة لها.

وفقًا لتقارير إعلامية، يعيش في أستراليا مجتمع كبير من المسلمين، مما يجعلها هدفًا محتملًا لتنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة. الهجوم، الذي وقع في مركز تجاري مزدحم في سيدني، أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين.

التحالف بين الجماعات الإرهابية وتداعيات الحرب الإسرائيلية-حماسية

تشير مصادر إسرائيلية إلى أن التهديد الذي كشف عنه الهجوم في أستراليا هو جزء من نمط عالمي أوسع. ففي العام الماضي، تم إحباط أو اكتشاف مخططات مماثلة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية ومناطق أخرى، مما يشير إلى تصاعد في نشاط الجماعات الجهادية وليس مجرد حوادث متفرقة.

كورّي زولي، الباحثة في معهد العلوم الجنائية والأمن القومي بجامعة سيراكيوز، أوضحت أن الحكومات الغربية لا يمكنها تجاهل هذه المؤشرات. وأشارت إلى ارتفاع حاد في استهداف الأقليات الدينية، وخاصة اليهود والإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل.

ويعتقد روجيو أيضًا أن الحرب الإسرائيلية الحالية مع حماس قد عززت التطرف وأعطت دفعة جديدة للمهاجمين، مما يوفر لهم مبررًا إضافيًا للقيام بأعمال عنف. كما أن الصراع ساهم في انتشار الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت.

ويؤكد مسؤولون استخباراتيون أن الجهات المتطرفة على اختلاف أيديولوجياتها تستغل الصراع الحالي بهدف إلهام المؤيدين وتضخيم الدعاية وتبرير الهجمات في الغرب. وتتكيف هذه المنظمات بسرعة، من خلال دمج التحريض الرقمي مع شبكات التجنيد على أرض الواقع. وحسب ما ذكرته مراكز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، تعمل هذه الشبكات على البحث عن فرص في أوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة، مستغلةً البيئات الأيديولوجية التي يمكن أن تؤدي إلى تطرف الأفراد بعيدًا عن ساحات المعارك التقليدية.

شبكات الدعم المحلي وتحديات مكافحة التطرف

كشفت السلطات الأسترالية أن عائلة المهاجم كانت على علم بتطرفه منذ عام 2019، وارتباطه بالمتطرف ويسام حداد، وهو شخص معروف بانتهاك قوانين مكافحة خطاب الكراهية في أستراليا، وإسحاق المطاري، الذي ادعى أنه قائد ميداني لتنظيم داعش في أستراليا ويقضي حاليًا حكماً بالسجن بتهم تتعلق بالإرهاب وحيازة الأسلحة.

يرفض روجيو وصف مثل هؤلاء الأفراد بـ “الذئاب المنفردة”، مشيرًا إلى أن الأنظمة المتطرفة توفر لهم الدافع الأيديولوجي والتوجيه والتحقق، حتى عندما يتصرف المهاجمون بشكل مستقل. ومن الضروري فهم هذه الشبكات وديناميكيتها من أجل تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة التطرف.

تحديات مستقبلية

تشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن التهديد لا يقتصر على تنظيم داعش، بل يشمل أيضًا شبكة مترابطة من الجماعات الجهادية، بما في ذلك تنظيم القاعدة، الذي لا يزال نشطًا في أفغانستان ولديه صلات وثيقة مع حركة طالبان. ويشدد روجيو على أن هذه الجماعات لم تُهزم، بل تعمل ببساطة بشكل مختلف.

أما مورغان ميرفي، خبيرة الأمن القومي والمرشحة عن مجلس الشيوخ الأمريكي في ولاية ألاباما، فقد أكدت على أن التدفق غير المسبوق للمهاجرين الإسلاميين غير المحققين إلى أوروبا والولايات المتحدة يمثل تهديدًا داخليًا. ويعيق هذا الخطر الداخلي القيادة العالمية لأمريكا ويستنزف الموارد التي ينبغي استخدامها للدفاع عن الحرية في الخارج.

في الوقت الحالي، تتجه الأنظار نحو تقييم السلطات الأسترالية لشبكات الدعم التي ساهمت في تطرف المهاجم، وتحديد الثغرات الأمنية التي سمحت بحدوث الهجوم. ومن المتوقع أن تواصل الحكومات الغربية تعزيز جهودها لمكافحة التطرف، مع التركيز على منع تجنيد الأفراد المتطرفين وتخريب شبكاتهم. ومع ذلك، تظل مكافحة الإرهاب تحديًا مستمرًا يتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا استخباراتية متواصلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version