أكدت شركة مايكروسوفت أن المملكة العربية السعودية تتبوأ مكانة ريادية متزايدة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة، وذلك بفضل استثماراتها الكبيرة في البنية التحتية السحابية المحلية. جاء هذا الإعلان بعد اكتمال إنشاء ثلاثة “مناطق إتاحة” جديدة لخدمات “أزور” السحابية داخل المملكة، مما يوفر قدرات “سحابة سيادية” تتيح معالجة البيانات وتخزينها محليًا. ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية (واس)، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة.
وأضافت مايكروسوفت أن تقريرها السنوي لانتشار الذكاء الاصطناعي لعام 2025، يضع السعودية ضمن أفضل ثلاث دول في الشرق الأوسط وأفريقيا من حيث تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويدرجها ضمن أفضل 25 دولة على مستوى العالم. وتشير البيانات إلى أن ما يقرب من ثلث مستخدمي الإنترنت في السعودية يعتبرون بالفعل من المتبنين النشطين للأدوات والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية في السعودية
يعتبر إنشاء مناطق الإتاحة الثلاث الجديدة لخدمات Azure بمثابة خطوة مهمة نحو تحقيق سيادة البيانات، وهو هدف رئيسي للحكومة السعودية. تتيح هذه القدرات للجهات الحكومية والقطاع الخاص الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الالتزام الكامل بالأنظمة والقوانين الوطنية. هذا بدوره يعزز مكانة المملكة كمركز رقمي آمن وموثوق به، ومستعد لتبني الجيل القادم من الابتكارات الرقمية.
تسعى الحكومة السعودية جاهدة لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد حققت تقدمًا ملحوظًا في هذا الصدد. أشارت مايكروسوفت إلى أن برامج التدريب المشتركة مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة قد ساهمت في تدريب أكثر من مليون شخص خلال العامين الماضيين. وكان لـ “سماي” التابع للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) دور كبير في هذا الإنجاز، حيث قام بتدريب أكثر من 600 ألف مستفيد.
تمكين الكفاءات الوطنية
لم تقتصر جهود التدريب على ذلك، بل امتدت لتشمل برامج خاصة بتمكين المرأة، حيث استفادت أكثر من 50 ألف امرأة من هذه الفرص. وشملت المبادرات أيضًا تدريب آلاف الطلاب وأكثر من 100 ألف معلم من خلال أكاديمية الذكاء الاصطناعي (بالشراكة مع سدايا)، ومركز مايكروسوفت للتميز في المهارات، وأكاديمية مراكز البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق مبادرة “مسك V-Work” ومبادرات “الذكاء الاصطناعي للمنظمات غير الربحية”. ونجحت أكاديمية الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى أكثر من 40 جامعة، وإعداد متأهلين للمشاركة في مسابقات عالمية مرموقة. كما ساهمت المعسكرات التدريبية المكثفة في حصول المشاركين على شهادات مهنية، وتم توظيف عدد منهم قبل التخرج.
علاوة على ذلك، تعمل مايكروسوفت بشكل وثيق مع القطاع الخاص السعودي لتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. على سبيل المثال، استخدمت شركة معادن Microsoft 365 Copilot وAzure OpenAI لزيادة الإنتاجية وتحسين الحوكمة، مما أدى إلى توفير أكثر من 2000 ساعة عمل شهريًا. كما تمكنت مجموعة أوبيكان للاستثمار من ربط أكثر من 1200 آلة عبر 20 مصنعًا باستخدام منصة O3ai، مما أدى إلى زيادة في الإنتاجية بنسبة 30%.
وتشمل التطبيقات الأخرى للذكاء الاصطناعي في السعودية تطوير “رفيق سفر ذكي” لشركة الخطوط السعودية بالاعتماد على تقنية GPT-4 المتوفرة عبر Azure OpenAI. كما عززت شركة أكوا باور السلامة التشغيلية وجودة المياه من خلال الاستفادة من قدرات Azure AI. هذه الأمثلة توضح الأثر الإيجابي لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي على كفاءة العمل وجودة الخدمات.
التزام مايكروسوفت بالحوكمة والاستدامة
أكدت مايكروسوفت التزامها الراسخ بقضايا حوكمة البيانات، والخصوصية، والذكاء الاصطناعي المسؤول. وتعمل الشركة بشكل وثيق مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) والهيئة الوطنية للأمن السيبراني لضمان الامتثال الكامل للأنظمة المحلية ومعايير حماية البيانات. هذا التعاون يهدف إلى بناء بيئة رقمية آمنة وموثوقة للجميع.
وفي مجال الاستدامة، تشارك مايكروسوفت في مبادرات الاقتصاد الدائري مع شركات سعودية رائدة مثل سابك. ومن الأمثلة البارزة على ذلك تطوير “فأرة” Ocean Plastic Mouse، المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره من المحيطات. تؤكد هذه المبادرة على التزام مايكروسوفت بالمسؤولية البيئية والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تتطلع مايكروسوفت إلى مواصلة دورها كشريك تقني للمملكة، خاصة مع الاستعداد لاستضافة “إكسبو 2030” وكأس العالم 2034. ستعمل الشركة على دعم المشاريع الضخمة مثل “نيوم” و”قدية” و”البحر الأحمر”، وتمكين التحول الرقمي في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والمالية والتصنيع واللوجستيات. من المتوقع أن تشهد المملكة العربية السعودية استثمارات متزايدة في البنية التحتية السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتطوير المهارات الرقمية في المستقبل القريب، مما سيعزز مكانتها كقائد إقليمي في مجال الابتكار الرقمي. وستظل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) جهة رئيسية في توجيه هذه الاستثمارات وضمان تحقيق أقصى استفادة منها.

