تحدث الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن المعنى العميق لقوله تعالى: «واضرب لهم مثلا رجلين»، موضحًا أن التعبير القرآني جاء بصيغة النكرة، ليترك المجال مفتوحًا أمام القارئ لمعرفة حقيقة هذين الرجلين، هل كانا من المؤمنين أم من غيرهم، على أن يُكشف ذلك في نهاية القصة من خلال أفعال كل واحد منهما تجاه اختبار المال والرزق.

وفي حلقة خاصة من برنامجه “لعلهم يفقهون” على قناة dmc بعنوان “حوار الأجيال”، أوضح الشيخ خالد الجندي أن القرآن الكريم قدّم صورة متقابلة بين رجلين، أحدهما أنعم الله عليه بجنتين من أعناب وحدائق غناء، والآخر لم يُذكر أنه نال أي نصيب من متاع الدنيا، إلا أن العبرة الكبرى، كما قال، تكمن في أن الفقير لم يُحرم من الرزق كله، بل رزقه الله نعمة أسمى وأغلى من المال، وهي نعمة الرضا.

وبين الجندي أن الرضا في جوهره ليس مجرد قناعة بما قسم الله، بل هو حالة من السكينة الداخلية والتصالح مع القدر، تنبع من عمق الإيمان وتمنح الإنسان طمأنينة تبعده عن الحسد أو الحقد أو المقارنة. 

وأشار إلى أن الرجل الفقير في القصة القرآنية لم يكن حاقدًا على صاحبه الغني، ولم يشعر بالنقص أو الاضطراب النفسي تجاهه، بل ظل محافظًا على علاقة طيبة ومودة صافية، وهو ما يعكس غنى روحه ونقاء قلبه.

وتابع عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قائلاً إن المفارقة الكبرى في القصة أن الغنى الحقيقي لم يكن في يد صاحب الجنتين الذي اغتر بماله وزرعه، بل في قلب الفقير الذي امتلك الرضا بالله، فكان أغنى الناس بروحه وإيمانه. أما الغني المادي فكان في الحقيقة فقيرًا في إيمانه، متكبرًا بما أنعم الله عليه، ظانًّا أن نعمته الدنيوية ستدوم.

واختتم الجندي حديثه بالتأكيد على أن هذه القصة القرآنية تمثل درسًا خالدًا في فهم مفهوم الغنى والفقر، فالغنى ليس في وفرة المال ولا في امتلاك الدور والبساتين، وإنما في امتلاء القلب بالرضا واليقين. 

وأضاف: “الفقير الراضي أقرب إلى الغنى الحقيقي عند الله من الغني المتكبر، لأن الرضا يمنح صاحبه سعادة دائمة لا تزول بزوال النعمة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version