شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ارتفاعًا ملحوظًا، بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوياتها في حوالي عامين. يعكس هذا الارتفاع تقييمات السوق لتأثير تباطؤ تدفقات الغاز الطبيعي المسال (LNG) على إمدادات المنطقة، خاصةً مع اقتراب فصل الشتاء. يأتي هذا التطور في ظل سعي أوروبا لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على روسيا.

ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي الأوروبي خلال تعاملات اليوم، بعد فترة من الاستقرار النسبي. ويراقب المستثمرون عن كثب التغيرات في واردات الغاز الطبيعي المسال ومستويات التخزين، بالإضافة إلى التوقعات الجوية التي تؤثر على الطلب على التدفئة.

توقعات أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا

أظهرت البيانات الأولية لشهر ديسمبر انخفاضًا طفيفًا في واردات الغاز الطبيعي المسال إلى الموانئ الرئيسية في شمال غرب أوروبا وإيطاليا. هذا التباطؤ، على الرغم من أنه ليس كبيرًا، أثار مخاوف بشأن قدرة أوروبا على تلبية احتياجاتها من الغاز خلال فصل الشتاء.

على الرغم من أن الطقس المعتدل الحالي ساهم في خفض الطلب على التدفئة، إلا أن المحللين يؤكدون على أهمية استمرار تدفقات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. وفقًا لمحللي RBC، فإن أوروبا “ستحتاج إلى مواصلة شراء الغاز الطبيعي المسال هذا الشتاء” للحفاظ على استقرار الإمدادات، خاصةً مع انخفاض مستويات التخزين الحالية.

مستويات التخزين الحالية وتأثيرها

تشير البيانات إلى أن مخزونات الغاز في أوروبا أقل من المتوسطات الموسمية. فقد بلغت مستويات التخزين أقل من 72%، مقارنة بمتوسط خمس سنوات يبلغ 81%، مما يشير إلى أن وتيرة السحب من المخزونات قد تباطأت في الأيام الأخيرة.

هذا الانخفاض في المخزونات يضيف ضغطًا على السوق، ويزيد من احتمالية ارتفاع الأسعار في المستقبل القريب. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن الزيادة المتوقعة في الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي المسال قد تحد من هذا الارتفاع.

ارتفعت العقود المستقبلية الهولندية لتسليم الغاز في الشهر المقبل بنسبة 1.3% لتصل إلى 26.96 يورو لكل ميغاواط في الساعة عند الساعة 8:38 صباحًا بتوقيت أمستردام. يذكر أن هذه العقود سجلت أدنى مستوياتها منذ أبريل 2024 في الجلسة السابقة.

تأتي هذه التطورات بعد فترة من الانخفاض في أسعار الغاز، مدفوعة بآمال في انتهاء الحرب في أوكرانيا وزيادة الواردات من مصادر بديلة. لكن التباطؤ الأخير في تدفقات الغاز الطبيعي المسال يمثل تحديًا جديدًا للسوق الأوروبية.

تتوقع الأرصاد الجوية استمرار درجات الحرارة فوق المعدل الطبيعي لبقية الشهر الحالي. ومع ذلك، تشير بعض التوقعات إلى احتمال طقس أكثر برودة في شهر يناير، مما قد يزيد من الطلب على الغاز.

بالإضافة إلى الغاز الطبيعي المسال، تسعى أوروبا إلى تنويع مصادرها من خلال زيادة واردات الغاز من النرويج والجزائر. كما تعمل على تطوير البنية التحتية لاستقبال الغاز من مصادر جديدة، مثل الولايات المتحدة.

تعتبر أسعار الطاقة من أهم العوامل التي تؤثر على الاقتصاد الأوروبي، حيث تؤثر على تكاليف الإنتاج والقدرة الشرائية للمستهلكين. لذلك، تولي الحكومات الأوروبية اهتمامًا كبيرًا بضمان استقرار إمدادات الغاز وتخفيف تأثير التقلبات السعرية.

من الجدير بالذكر أن اتفاقيات طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال تلعب دورًا حاسمًا في تأمين إمدادات أوروبا. وقد توصلت أوروبا بالفعل إلى اتفاق لإنهاء واردات الغاز الروسي بحلول عام 2027، مما يتطلب إيجاد مصادر بديلة لتلبية احتياجاتها.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا في التقلب خلال الأشهر القادمة، متأثرة بمجموعة من العوامل، بما في ذلك الطقس، ومستويات التخزين، وتدفقات الغاز الطبيعي المسال، والتطورات الجيوسياسية. سيراقب السوق عن كثب بيانات الإمدادات والطلب، بالإضافة إلى التوقعات الجوية، لتقييم الاتجاه المستقبلي للأسعار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version