أقرّ المشرّعون المكسيكيون رسمياً رسوماً جمركية جديدة على الواردات من دول آسيوية، في خطوة تهدف إلى حماية الصناعة المحلية وتتماشى مع التوجهات التجارية العالمية المتزايدة. يأتي هذا القرار في ظلّ سعي الرئيسة كلوديا شينباوم إلى تعزيز الاقتصاد المكسيكي، بينما تتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وتستهدف هذه الرسوم على الواردات الآسيوية بشكل خاص المنتجات الصينية الرخيصة التي غزت الأسواق المكسيكية.

صوّت مجلس الشيوخ المكسيكي يوم الأربعاء لصالح مشروع القانون الذي يفرض رسوماً تتراوح بين 5% و 50% على أكثر من 1400 منتج مستورد من دول آسيوية لا ترتبط بالمكسيك باتفاقيات تجارية. وقد حظي القانون بتأييد 76 صوتاً، ومعارضة 5 أصوات، وامتناع 35 صوتاً، مما يعكس دعماً واسعاً للخطوة من مختلف الأطراف السياسية.

تأثير الرسوم الجديدة على التجارة المكسيكية

من المتوقع أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في العام المقبل، وستشمل مجموعة واسعة من المنتجات، بدءاً من الملابس والأقمشة وصولاً إلى المعادن وقطع غيار السيارات. وتشير التقديرات إلى أن وزارة المالية المكسيكية تتوقع أن تدرّ هذه الرسوم الجديدة إيرادات إضافية تقدر بنحو 52 مليار بيزو (حوالي 2.8 مليار دولار أمريكي) العام المقبل، مما سيعزز الميزانية الحكومية.

جاء إقرار القانون في وقت حرج، بالتزامن مع محادثات تجارية مكثفة تجريها الرئيسة شينباوم مع الإدارة الأمريكية. ويعتقد البعض أن هذه الرسوم قد تكون محاولة من المكسيك لتهدئة واشنطن، وتقليل الضغوط التجارية المفروضة على السلع المكسيكية، مثل الصلب والألومنيوم. ومع ذلك، نفت شينباوم أي ارتباط مباشر بين الرسوم الجديدة والسياسات التجارية الأمريكية.

تغيير في السياسة التجارية المكسيكية

لطالما كانت المكسيك من أشد المؤيدين للتجارة الحرة في أمريكا اللاتينية، حيث أبرمت العديد من الاتفاقيات التجارية مع دول حول العالم. لكن حزب “مورينا” الحاكم، الذي تنتمي إليه شينباوم، يتبنى الآن نهجاً أكثر حماية للصناعة المحلية. ويرى الحزب أن تعزيز الإنتاج المحلي وخلق فرص عمل جديدة يتطلب حماية الشركات المكسيكية من المنافسة غير العادلة.

أثارت هذه الخطوة قلق بعض المصنعين الذين يعتمدون على المكونات والمواد الخام المستوردة من آسيا، حيث حذروا من أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف وزيادة التضخم. كما أعرب بعض المشرعين عن مخاوفهم بشأن إمكانية إلحاق الضرر بالعلاقات التجارية مع الدول الآسيوية، التي تعتبر أسواقاً مهمة للصادرات المكسيكية.

السيارات الصينية تواجه أعلى الرسوم

وفقاً للتشريع الجديد، ستواجه السيارات الصينية أعلى الرسوم الجمركية، حيث تصل إلى 50%. ويأتي هذا القرار في ظلّ تزايد حصة السيارات الصينية في السوق المكسيكية، حيث ارتفعت من مستويات ضئيلة قبل ست سنوات إلى حوالي 20% حالياً. ويرى المسؤولون المكسيكيون وجمعيات صناعة السيارات المحلية أن هذه الرسوم ضرورية لحماية الإنتاج الوطني للمركبات، الذي يعتبر محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى الرسوم الجديدة، منح المشرعون وزارة الاقتصاد المكسيكية صلاحية تعديل رسوم الاستيراد حسبما تراه مناسباً. ويهدف هذا الإجراء إلى منح الحكومة مرونة أكبر في الاستجابة للتغيرات في السوق العالمية، وضمان توفير السلع المستوردة الأساسية بأسعار تنافسية. ويعتبر هذا التطور مهماً في ظلّ الاستعدادات لمراجعة اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا العام المقبل.

تأتي هذه الخطوة أيضاً في أعقاب إجراءات مماثلة اتخذتها كندا العام الماضي لفرض رسوم على السيارات الكهربائية والصلب والألومنيوم المستوردة من الصين. وقد أعرب المسؤولون الصينيون عن استيائهم من الرسوم المكسيكية الجديدة، واعتبروها غير مبررة وضارة بالعلاقات التجارية بين البلدين.

في الختام، من المتوقع أن يكون لإقرار هذه الرسوم على الواردات الآسيوية تأثير كبير على التجارة المكسيكية والاقتصاد المحلي. وستراقب الشركات والمستثمرون عن كثب كيفية تنفيذ هذه الرسوم، وكيف ستؤثر على أسعار السلع وتنافسية الشركات المكسيكية. ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن مراجعة اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا العام المقبل، ومن المتوقع أن تكون هذه القضية من بين القضايا الرئيسية التي ستتم مناقشتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version