شهدت الأسر اليابانية انخفاضًا مفاجئًا في إنفاق الأسر في أكتوبر، مسجلة أول تراجع منذ ستة أشهر، مما يثير تساؤلات حول قوة الطلب المحلي قبل اجتماع بنك اليابان المرتقب لتقييم سياسة أسعار الفائدة. يأتي هذا الانخفاض في وقت حرج، حيث يدرس البنك المركزي الياباني إمكانية رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ سنوات، في محاولة للسيطرة على التضخم المستمر.

أظهرت بيانات وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات الصادرة يوم الجمعة انخفاض إنفاق الأسر بنسبة 3% على أساس سنوي في أكتوبر، بعد احتساب التضخم. كان الاقتصاديون يتوقعون ارتفاعًا بنسبة 1%، مما يجعل هذا التراجع مفاجئًا ويشير إلى ضعف في الاستهلاك الخاص. تأثر الانخفاض بشكل خاص بتراجع الإنفاق على النقل والإسكان، مما يعكس الضغوط المالية التي تواجهها الأسر اليابانية.

أهمية بيانات إنفاق الأسر في اليابان

يشكل الإنفاق الاستهلاكي محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في اليابان، ويمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي. يعتمد بنك اليابان على زيادة الإنفاق الاستهلاكي كجزء من استراتيجيته لتحقيق دورة اقتصادية إيجابية، حيث تساهم مكاسب الأجور في زيادة الأسعار مدفوعة بالطلب القوي. ومع ذلك، على الرغم من النمو الطفيف في الاستهلاك المحلي على مدى ثلاثة فصول متتالية، لم يكن ذلك كافيًا لمنع انكماش الاقتصاد في الربع الثالث من العام.

وفقًا لماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في معهد “سومبو إنستيتيوت بلس”، “من الواضح أن الاستهلاك لا يزال ضعيفًا. مع مستوى التضخم الحالي، من الصعب أن ينمو الإنفاق انطلاقًا من الدخل المتاح، وهناك تراجع ملحوظ في الإنفاق على الغذاء والسيارات.”

تأثير التضخم على الاستهلاك

يواجه المستهلكون اليابانيون ضغوطًا متزايدة بسبب ارتفاع الأسعار، حيث استقر مقياس التضخم عند 2% أو أعلى لمدة 43 شهرًا متتاليًا، وهي أطول فترة منذ عام 1992. تظهر البيانات أن زيادات الأجور الاسمية لا تواكب وتيرة ارتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى تراجع الأجور الحقيقية. هذا الوضع يقلل من القوة الشرائية للأسر ويؤثر سلبًا على الإنفاق الاستهلاكي.

توقعات رفع أسعار الفائدة

على الرغم من بيانات إنفاق الأسر السلبية، يتجه بنك اليابان نحو رفع أسعار الفائدة. أشار محافظ البنك، كازو أويدا، يوم الاثنين الماضي إلى أن مجلس الإدارة يتجه نحو رفع الفائدة، ربما في 19 ديسمبر، بعدما ذكر صراحة أن البنك سيناقش هذا الخيار. تشير عقود المبادلة المرتبطة بالمؤشر الليلي إلى احتمال بنسبة 90% لرفع الفائدة هذا الشهر.

يرى كويكي أن “ضعف الاستهلاك يشكل رياحًا عكسية في وجه رفع الفائدة، لكن في الوقت ذاته، فإن هشاشة الطلب تعود إلى التضخم الناتج عن ضعف الين، لذلك من المتوقع رفع الفائدة في ديسمبر”.

حزمة التحفيز الحكومية

في محاولة لتخفيف الضغط على الأسر، أعلنت رئيسة الوزراء ساناي تاكايشي الشهر الماضي عن حزمة دعم بقيمة 2.9 تريليون ين (18.7 مليار دولار)، تتضمن إعانات لفواتير الخدمات العامة وتخفيضات ضريبية محددة. تأمل الحكومة أن تساهم هذه الإجراءات في خفض معدل التضخم العام بنحو 0.7 نقطة مئوية خلال الفترة من فبراير إلى أبريل.

من المرجح أن تؤثر فعالية هذه الإجراءات على شعبية تاكايشي، بعدما أدى التضخم المتواصل إلى تأجيج غضب الناخبين. أظهر استطلاع أجرته صحيفة نيكي نهاية الأسبوع الماضي أن نسبة التأييد لتاكايشي بلغت 75%.

ستكشف البيانات المعدلة للناتج المحلي الإجمالي الياباني يوم الإثنين عن نظرة أكثر دقة للوضع الاقتصادي في الربع الثالث. من المتوقع أن تظهر البيانات نموًا اقتصاديًا أضعف مما ورد في التقرير الأولي، بسبب تراجع الصادرات وضعف الإنفاق الرأسمالي.

في الختام، يراقب بنك اليابان عن كثب تطورات الإنفاق الاستهلاكي والأجور قبل اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة في ديسمبر. ستلعب جولة مفاوضات الأجور السنوية التي تُختتم في مارس دورًا حاسمًا في تحديد مسار الاستهلاك الخاص في المستقبل. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت حزمة التحفيز الحكومية ستكون كافية لتعزيز الإنفاق الاستهلاكي وتخفيف الضغوط على الأسر اليابانية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version