شهدت الأسواق الآسيوية تراجعاً ملحوظاً اليوم، متأثرةً بالانخفاضات التي سجلتها البورصات الأمريكية، وذلك وسط عمليات بيع واسعة النطاق لأسهم شركات التكنولوجيا. يأتي هذا التراجع متزامناً مع حالة من عدم اليقين تسيطر على المستثمرين بشأن تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، واحتمالية استمرار النمو القوي في هذا القطاع. كما شهدت أسعار النفط تقلبات، ولكنها استقرت نسبياً بعدما تجنب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إثارة المزيد من التوترات الجيوسياسية في خطاب متلفز.
وانعكس هذا الاتجاه السلبي على المؤشرات الرئيسية في المنطقة، حيث انخفض المؤشر الإقليمي للأسهم التابع لـ”إم إس سي آي” بنسبة 0.5%. كما شهد كل من مؤشر “كوسبي” في كوريا الجنوبية ومؤشر “نيكاي 225” الياباني انخفاضاً يتجاوز 1%، مما يشير إلى انتشار المخاوف بين المستثمرين في مختلف أنحاء آسيا.
ضغوط متزايدة على قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
يعكس التراجع في أسهم التكنولوجيا تحولاً في معنويات المستثمرين، الذين بدأوا في التشكيك في قدرة الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي على تبرير تقييماتها المرتفعة واستمرار الاستثمار بكثافة في هذا المجال. وقد ساهمت المخاوف المتعلقة بتكاليف البنية التحتية اللازمة لتوسيع مراكز البيانات، مثل تلك المتعلقة بخطط شركة “أوراكل” في ميشيغان، في تعزيز هذه المشاعر السلبية.
وأشار محللون إلى أن المستثمرين يطالبون بمزيد من الشفافية حول العائدات الحقيقية للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وقال فرانك تورمان، مدير صندوق في “شرودرز إنفستمنت مانجمنت”، “لا يزال المستثمرون يرون إفصاحاً محدوداً عن الإيرادات أو الأرباح أو التدفقات النقدية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي”. وأضاف: “والنتيجة هي تنامي القلق من أن الذكاء الاصطناعي قد لا يحقق عوائد تتناسب مع حجم الحماس”.
تأثير قرارات الشركات على السوق
ساهمت الأخبار المتعلقة بتأجيل تمويل بعض المشاريع الكبرى في زيادة الضغط على قطاع التكنولوجيا. فبعد تقارير عن تأجيل شركة “أوراكل” لمواعيد إنجاز مراكز البيانات، أعلنت “بلو أول كابيتال” عن عدم دعمها لصفقة بقيمة 10 مليارات دولار لمركز بيانات في ميشيغان، مما أدى إلى انخفاض أسهم “أوراكل” بأكثر من 5% في التداولات الأمريكية.
أسعار النفط والذهب تتأثر بالتوترات الجيوسياسية
في سوق النفط، ارتفعت أسعار خام “برنت” في بداية التعاملات الآسيوية، مقتربة من مستوى 61 دولاراً للبرميل، لكنها سرعان ما قلصت مكاسبها بعد خطاب الرئيس ترامب. ويأتي هذا التذبذب بعد فرض واشنطن حظراً على ناقلات النفط الفنزويلية، واتهام ترامب لكراكاس بالتدخل في حقوق الطاقة الأمريكية.
في المقابل، حافظ الذهب على استقراره بالقرب من 2045 دولاراً للأونصة بعد الارتفاع الذي شهده يوم الأربعاء، حيث يبحث المستثمرون عن أصول آمنة في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق. وقد ارتفع سعر الذهب بنحو الثلثين هذا العام، ويتجه نحو تسجيل أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، وفقاً لبيانات حديثة.
أداء السندات والعملات وتوقعات مستقبلية
على صعيد السندات، انخفض عائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بنقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.14%، في ظل إقبال المستثمرين على الأصول الآمنة. بينما استقر مؤشر “بلومبرغ” للدولار، مما يشير إلى عدم وجود تحركات كبيرة في سوق العملات.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن ثقة المستثمرين في قدرة شركات التكنولوجيا العملاقة على الاستمرار في قيادة السوق بدأت تتضاءل. وفي الصين، تتقدم شركة “تشاينا فانكي” نحو واحدة من أكبر عمليات إعادة هيكلة الديون في تاريخ البلاد، مما يمثل تحدياً كبيراً للاقتصاد الصيني.
من المتوقع أن تشهد الأسواق المالية المزيد من التقلبات في الفترة القادمة، خاصةً مع صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر نوفمبر، بالإضافة إلى قرارات السياسة النقدية من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا. كما يترقب المستثمرون قرار بنك اليابان بشأن أسعار الفائدة، والذي من المتوقع أن يتخذ يوم غد الجمعة. يجب على المستثمرين مراقبة هذه الأحداث عن كثب، وتقييم المخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

