توفيت الممثلة والمغنية الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو، عن عمر يناهز 91 عامًا يوم الأحد، تاركةً وراءها إرثًا فنيًا وإنسانيًا كبيرًا. أعلنت مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات عن وفاتها في بيان رسمي، مما أثار موجة من الحزن والتأبين في فرنسا والعالم. كانت باردو رمزًا للجمال والحرية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وشخصية مثيرة للجدل في سنواتها الأخيرة.

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حزنه العميق لوفاة باردو، واصفًا إياها بـ “أسطورة القرن” ومثنيًا على مساهماتها في السينما والغناء، بالإضافة إلى تفانيها في الدفاع عن حقوق الحيوانات. وقد أصبحت وفاتها حديث وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية، حيث تسلط الضوء على مسيرتها المهنية والحياتية المليئة بالتقلبات.

رحيل أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو

ولدت بريجيت مورييت باردو في باريس عام 1934، لعائلة من الطبقة البرجوازية. بدأت مسيرتها الفنية كراقصة، قبل أن تلفت الأنظار بجمالها وتظهر على غلاف مجلة “ELLE” في سن الخامسة عشرة. كان هذا الظهور بمثابة نقطة انطلاق نحو الشهرة والنجومية.

جاءت الفرصة الكبرى لها في عام 1956، عندما اختارها المخرج روجيه فاديم للعب دور البطولة في فيلم “Et Dieu créa la femme” (وخلق الله المرأة). حقق الفيلم نجاحًا ساحقًا، وأطلق باردو كنجمة عالمية، وأصبحت رمزًا للإغراء والتحرر في تلك الحقبة.

لم تقتصر موهبة بريجيت باردو على التمثيل، بل امتدت لتشمل الغناء. أصدرت العديد من الأغاني التي لاقت شعبية كبيرة، مثل “Bonnie and Clyde” و “Harley Davidson”، مما عزز مكانتها كفنانة متعددة المواهب.

مسيرة فنية حافلة

على مدار مسيرتها الفنية، شاركت بريجيت باردو في أكثر من 50 فيلمًا، عملت فيها مع كبار المخرجين والممثلين في السينما الفرنسية والأوروبية. تنوعت أدوارها بين الأدوار الرومانسية والدرامية والكوميدية، مما أظهر قدرتها على التكيف مع مختلف الشخصيات والأنماط السينمائية.

في عام 1973، قررت باردو الاعتزال المفاجئ عن التمثيل، بعد مشاركتها في فيلم “L’Histoire très bonne et très joyeuse de Colinot trousse-chemise”. أعلنت أنها لم تعد تجد المتعة في هذا المجال، وأنها ترغب في التفرغ للدفاع عن الحيوانات، وهو ما شكل نقطة تحول في حياتها.

التفرغ للدفاع عن الحيوانات والجدل السياسي

بعد اعتزالها التمثيل، كرست بريجيت باردو حياتها للدفاع عن حقوق الحيوانات. أسست في عام 1986 “مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات”، التي تعمل على مكافحة القسوة ضد الحيوانات والدفاع عن رفاهيتها. قادت المؤسسة العديد من الحملات الناجحة ضد صيد الفقمات واستخدام الحيوانات في التجارب العلمية.

لم تتردد باردو في التعبير عن آرائها السياسية المثيرة للجدل. في عام 2012، أعلنت دعمها لمارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة الفرنسية، مما أثار انتقادات واسعة من قبل العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية.

خلال السنوات الأخيرة من حياتها، واجهت باردو اتهامات بالعنصرية والتحريض على الكراهية بسبب بعض التصريحات التي أدلت بها حول قضايا الهجرة والنسوية. تمت إدانتها خمس مرات بتهمة التحريض على الكراهية والعنصرية، مما أثر على صورتها العامة وأثار جدلاً واسعًا حول حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية. هذه القضايا أثارت نقاشًا حول الجدل الذي رافق شخصيتها.

تزوجت بريجيت باردو أربع مرات، كان آخرها من رجل الأعمال برنارد دوفال. أنجبت ابنها الوحيد، نيكولا جاك شارتييه، من زوجها الأول، لكنها صرحت لاحقًا بأنها ندمت على خوض تجربة الأمومة.

رحيل بريجيت باردو يمثل نهاية حقبة في تاريخ السينما الفرنسية. ستظل ذكراها حية في قلوب محبيها، وستظل أعمالها الفنية والإنسانية مصدر إلهام للأجيال القادمة.

من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل الجنازة ومراسم التأبين في الأيام القليلة القادمة. كما من المرجح أن تشهد مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات زيادة في الدعم والتبرعات تكريمًا لذكرى مؤسستها. يبقى أن نرى كيف ستتعامل وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية مع إرثها المعقد والمتناقض، وكيف سيتم تقييم مساهماتها الفنية والإنسانية في المستقبل. النقاش حول شخصيتها المثيرة للجدل سيستمر بلا شك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version