في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، يتجه العديد من الشباب في الولايات المتحدة إلى العيش مع والديهم لتوفير المال. وقد أقدم الأب جمال خضر، وهو صاحب شركة مقاولات في ولاية ماريلاند، على خطوة غير تقليدية وهي بناء شقق فاخرة مخصصة لابنتيه جاميلة وحميدة، لتجنبهما دفع إيجارات باهظة في مدينة نيويورك، مما يكلفه حوالي 200 ألف دولار. هذه الظاهرة المتزايدة من العودة إلى المنزل تثير تساؤلات حول تأثيرها على المدخرات التقاعدية للوالدين وعلى مستقبل الشباب.

العودة إلى المنزل: حل أم مشكلة للجيل الشاب؟

بدأ جمال خضر، البالغ من العمر 61 عامًا، مشروع تجديد منزله في يوليو الماضي، بهدف توفير مساكن مريحة لابنتيه. جاميلة، البالغة من العمر 27 عامًا، كانت تدفع 2200 دولار شهريًا مقابل شقة في حي كوبل هيل بمدينة نيويورك، بينما كانت حميدة، 26 عامًا، تدفع 2800 دولار شهريًا لاستوديو في وسط بروكلين. قرر الأب أن توفير هذه المبالغ لابنتيه يستحق الاستثمار في منزله.

تم تحويل القبو إلى شقة خاصة بجاميلة بمساحة 1100 قدم مربع، وتضم غرفة نوم كاملة مع حمام أرضيته مُدفأة، وقاعة سينما خاصة تتسع لستة أشخاص، وصالة ألعاب رياضية، وبار صغير، وغرفة ترفيه. اختارت جاميلة، وهي من محبي التصميم الداخلي، بنفسها بلاط الرخام والتشطيبات الخشبية والأثاث الفاخر لشقتها.

أما حميدة، فستحصل على جناح خاص بها في المنزل، يتكون من استوديو بمساحة 600 قدم مربع، ومطبخ صغير، وحمام، وغرفة نوم، وخزانة ملابس، ومنطقة جلوس. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الأب ببناء مرآب يتسع لسيارتين للفتاتين.

ارتفاع تكاليف الإيجار يدفع الشباب للعودة

هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه متوسط إيجار الشقق في مدينة نيويورك ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تجاوز 4600 دولار شهريًا، وفقًا لتقارير حديثة. نتيجة لذلك، زاد عدد البالغين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا والذين يعيشون مع والديهم بمقدار 1.5 مليون شخص خلال العقد الماضي.

ومع ذلك، تشير دراسة أجرتها شركة Thrivent إلى أن هذه الخطوة قد تكون لها آثار سلبية على المدخرات التقاعدية للوالدين. فقد وجد الباحثون أن 38٪ من الآباء الذين يعيش معهم أبناؤهم البالغون قد لاحظوا تراجعًا في مدخراتهم التقاعدية، بينما أفاد 39٪ منهم أن ذلك أثر على قدرتهم على الادخار لأهداف قصيرة الأجل مثل السفر أو إصلاح المنزل أو الرعاية الصحية.

لكن حميدة تؤكد أن والديها يعتبران عودتهما إلى المنزل نعمة وليست عبئًا. فقد انتقلت هي وشقيقتها إلى المنزل بعد أن أمضتا سنوات في نيويورك، حيث كانت والدتهما ووالدهما تحثهما باستمرار على العودة.

توفير المال واستثمار المستقبل

جاميلة، التي تعمل كخبيرة إعلانات عن بعد، ترى أن العودة إلى المنزل كانت قرارًا ناضجًا. وقد تمكنت من توفير ما يقرب من 10 آلاف دولار منذ انتقالها في سبتمبر الماضي، مما منحها حرية مالية أكبر. “من الرائع عدم الاضطرار إلى دفع الإيجار. لدي الكثير من الدخل المتاح. يمكنني السفر، وإعطاء الأولوية لنفسي، والاستمتاع بعمري العشريني حقًا دون هذا العبء الثقيل”، كما تقول.

حميدة، وهي مهندسة تقنية، تتفق مع شقيقتها. “أحب السفر، وكنت أعود إلى المنزل كل أسبوعين. لم يكن من المنطقي الاستمرار في دفع الإيجار بينما أكون [نادراً ما أكون في شقتي]”.

وقد وثقت الابنة الصغرى، ميمونة، البالغة من العمر 23 عامًا، وهي خريجة جامعة بوسطن، عملية التجديد على الإنترنت، حيث شاركت صورًا ومقاطع فيديو للمشروع مع أكثر من 465 ألف مشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد لاقت هذه المشاركات صدى واسعًا لدى الكثيرين، حيث أعرب البعض عن رغبته في العودة إلى المنزل لتوفير المال.

تخطط الشقيقات الأربع، بالإضافة إلى شقيقهن الأصغر يوسف، البالغ من العمر 18 عامًا، لتوفير جزء من أموالهن لشراء منازل خاصة بهن في المستقبل. إنهم ممتنون لوالديهم على إتاحة هذه الفرصة لهم للعيش في المنزل وتوفير المال، ويعتقدون أن هذا سيساعدهم على تحقيق أهدافهم المستقبلية.

من المتوقع أن يكتمل بناء شقة حميدة في أوائل عام 2026. بينما يستمر الاتجاه التصاعدي في تكاليف المعيشة، من المحتمل أن يشهد المزيد من الشباب العودة إلى منازل والديهم، مما يثير تساؤلات حول التوازن بين الدعم الأسري والاستقلالية المالية. سيكون من المهم مراقبة تأثير هذه الظاهرة على سوق العقارات والمدخرات التقاعدية للوالدين، وعلى مستقبل الجيل الشاب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version