احتفل مطعم “راولز” في حي سوهو بمدينة نيويورك هذا الأسبوع بمرور 50 عامًا على افتتاحه، وهو المطعم الذي شهد بدايات متواضعة وتحديات كبيرة، بما في ذلك مطالبات المال من المافيا. تأسس المطعم على يد الشيف الفرنسي غاي راولز وشقيقه سيرج، الصحفي التلفزيوني، ليصبح معلمًا بارزًا في المدينة، ويشتهر بأجوائه الفريدة وقائمة طعامه الكلاسيكية. قصة نجاح مطعم راولز تتجاوز مجرد تقديم الطعام، لتشمل الصمود في وجه الظروف الصعبة والتكيف مع التغيرات في الحي.

تحديات البداية: المافيا وحماية الأعمال في سوهو

في عام 1974، كان حي سوهو في نيويورك مختلفًا تمامًا عما هو عليه اليوم. كانت الشوارع مهجورة في الغالب، والمباني شاغرة، وكانت هناك مخاطر أمنية كبيرة. وفقًا لكريم راولز، ابن سيرج، كان على الأخوين راولز ليس فقط القلق بشأن دفع الإيجار، بل أيضًا التعامل مع طلبات المافيا للحصول على أموال الحماية.

عندما رفض المطعم دفع هذه الأموال، تعرض لأعمال تخريب، بما في ذلك تفجير طفيف أدى إلى تحطيم النوافذ. ومع ذلك، وبشكل مثير للدهشة، استمر الزبائن في تناول العشاء داخل المطعم على الرغم من ذلك.

ابتكار إعلامي لردع التهديدات

لم يستسلم سيرج راولز لهذه التهديدات. واستخدمًا لصلاته في مجال الإعلام، قام بتنفيذ خطة جريئة: تنظيم تصوير تلفزيوني وهمي خارج المطعم، مع تسليط الأضواء الكاشفة على واجهته المتضررة. كان الهدف من ذلك هو لفت الانتباه إلى وجود المافيا والضغط عليهم للتوقف عن مضايقاتهم.

ووفقًا لكريم، نجحت هذه الخدعة بشكل مذهل، وتوقفت الهجمات ومطالبات الابتزاز بعد ذلك.

أجواء فريدة ونجوم يرتادون المطعم

لم يقتصر نجاح مطعم راولز على التغلب على التحديات الأمنية، بل أيضًا على الأجواء الفريدة التي تميزه. لم يسع الأخوان راولز إلى إنشاء مطعم فاخر في المناطق الراقية، بل اختارا حي سوهو، الذي كان يوفر لهم مساحة للإبداع والتواصل مع المجتمع الفني.

بفضل علاقات سيرج الصحفية، أصبح المطعم وجهة مفضلة للعديد من الفنانين والمشاهير. من بين أوائل زبائنه الفنان آندي وارهول، وتبعته تجار الأعمال الفنية مثل ماري بون، بالإضافة إلى عارضات الأزياء والممثلين.

كما استضاف المطعم طهاة مشهورين مثل توماس كيلر، الذي عمل فيه لفترة من الزمن في عامي 1981 و 1982. وخلال السنوات اللاحقة، أصبح المطعم وجهة مفضلة لشخصيات بارزة مثل جوني ديب وكيت موس، وكوينتين تارانتينو، وجوليا روبرتس، وآل باتشينو، وروبرت دي نيرو.

الحفاظ على الهوية والتراث

على الرغم من التغيرات الكبيرة التي شهدها حي سوهو، حافظ مطعم راولز على هويته وتراثه على مدار الخمسين عامًا الماضية. يتميز المطعم بسلالم حلزونية ضيقة، وقارئ تاروت في الطابق العلوي، وقائمة طعام كلاسيكية تشمل طبق شريحة اللحم مع الفلفل الأسود (steak au poivre)، الذي لم يغادر القائمة أبدًا.

يقول كريم راولز إن سر استمرار المطعم يكمن في عدم إجراء أي تغييرات جذرية على الديكور أو الأجواء. “لم يقرر أحد في تاريخ المطاعم عدم إعادة تصميمه أو هدم الجدران. لقد كان هذا المكان كما هو منذ البداية.”

وقد عادت قائمة الطعام أيضًا إلى جذورها، مع إضافة أطباق فرنسية كلاسيكية مثل الأرانب والأعضاء الداخلية، ولكن بلمسة عصرية.

مستقبل راولز

يستمر مطعم راولز في جذب الزبائن من جميع أنحاء العالم، ويظل مكانًا فريدًا يجمع بين الطعام الجيد والأجواء المريحة والتاريخ الغني. من المتوقع أن يستمر المطعم في الاحتفال بمرور الوقت، مع الحفاظ على هويته المميزة وتقديم تجربة لا تُنسى لزبائنه.

ما يجب مراقبته في المستقبل هو كيفية تعامل المطعم مع التحديات الجديدة، مثل ارتفاع تكاليف الإيجار والمنافسة الشديدة في قطاع المطاعم. ومع ذلك، فإن تاريخ المطعم الطويل وسمعته الجيدة تشيران إلى أنه قادر على التكيف والازدهار في أي ظرف من الظروف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version