أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخرًا، موجة انتقادات جديدة على حكومة جنوب أفريقيا، متهمةً مسؤولين فيها بمضايقة وتضليل موظفين يعملون مع الأفريكانيين البيض. وتأتي هذه الاتهامات في ظل توترات متصاعدة بشأن معاملة الأفريكانيين في جنوب أفريقيا، وهي قضية أثارت جدلاً واسعًا في الولايات المتحدة وخارجها.
صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الخميس، بأن سبعة مواطنين كينيين تم طردهم من جنوب أفريقيا بعد وصولهم إلى البلاد بمساعدة أمريكية بهدف معالجة طلبات نقل الأفريكانيين، تعرضوا للإجراءات. كما أضاف روبيو أن مواطنين أمريكيين قد تم احتجازهم لفترة وجيزة في هذا السياق، وهو ما وصفه بأنه تصعيد غير مقبول.
تصاعد الخلاف حول وضع الأفريكانيين في جنوب أفريقيا
تصر جنوب أفريقيا على أن الأفراد الذين دخلوا البلاد بتأشيرات سياحية غير مؤهلين للعمل. وذكرت وزارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا أن استخدام الولايات المتحدة لموظفين غير حاصلين على التصاريح اللازمة “يثير تساؤلات جدية حول النوايا والبروتوكول الدبلوماسي”.
زادت الضغوط الأمريكية على حكومة الرئيس سيريل رامافو في الأشهر الأخيرة، مدعيةً دعمًا ضمنيًا للاضطهاد الذي يتعرض له مزارعو الأفريكانيين البيض في البلاد. وقد اكتسبت هذه الادعاءات زخمًا في الدوائر اليمينية المتطرفة.
اتهامات بالتضليل الإعلامي
نفى الرئيس رامافو هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأكد كبار المسؤولين المنتخبين، بمن فيهم قادة الأفريكانيين، أن هذه الادعاءات ما هي إلا معلومات مضللة خلال اجتماع صاخب في البيت الأبيض في مايو. ومع ذلك، استمرت إدارة ترامب في إعادة توطين أفراد من مجتمع الأفريكانيين من خلال برنامج اللاجئين الأمريكي.
في المقابل، قامت الإدارة بتقليص أعداد اللاجئين من جميع الجنسيات الأخرى بشكل كبير، حيث انخفضت إلى مستوى تاريخي منخفض بلغ 7500 لاجئ في عام 2026، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان التي وصفته بالعنصرية الصارخة. هذا التناقض بين التعامل مع الأفريكانيين واللاجئين الآخرين يثير تساؤلات حول دوافع السياسة الأمريكية.
وقد اتخذت إدارة ترامب خطوات تصعيدية أخرى في السابق، بما في ذلك طرد السفير الجنوب أفريقي من الولايات المتحدة، ومقاطعة قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، واستبعاد جنوب أفريقيا من حضور الحدث العام المقبل في ميامي. وتشير هذه الإجراءات إلى تدهور كبير في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
تأتي هذه التطورات في سياق نقاش أوسع حول قضايا الهجرة واللاجئين وحقوق الأقليات في جنوب أفريقيا. وتشمل المخاوف الرئيسية الأمن الزراعي، والتمييز العنصري، والعدالة الاجتماعية.
أشار بعض المحللين إلى أن تركيز الإدارة الأمريكية على قضية الأفريكانيين قد يكون مدفوعًا باعتبارات سياسية داخلية، بهدف حشد الدعم من قاعدة الناخبين المحافظة. بينما يرى آخرون أنها تعكس قلقًا حقيقيًا بشأن وضع حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا.
تعتبر قضية الأفريكانيين البيض في جنوب أفريقيا قضية معقدة ومتعددة الأوجه، تتطلب فهمًا دقيقًا للسياق التاريخي والاجتماعي والسياسي. وتشمل العوامل المؤثرة في هذه القضية الإرث الاستعماري، وسياسات الفصل العنصري، والتحديات الاقتصادية، والتوترات العرقية.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على جنوب أفريقيا فيما يتعلق بمعاملة الأفريكانيين. وقد تتضمن الإجراءات المستقبلية عقوبات اقتصادية أو قيودًا على المساعدات. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى تغييرات ملموسة على الأرض.
في الوقت الحالي، من المهم مراقبة رد فعل الحكومة الجنوب أفريقية على أحدث الاتهامات الأمريكية، وكذلك تطورات الوضع الأمني والإنساني في المناطق التي يعيش فيها الأفريكانيون. كما يجب متابعة أي مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات المختلفة في جنوب أفريقيا.
تعتبر قضية اللاجئين والهجرة في جنوب أفريقيا قضية حساسة تتطلب معالجة دقيقة ومسؤولة. وتشمل التحديات الرئيسية توفير الحماية والمساعدة للمحتاجين، وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع، ومنع التمييز والعنف.

