نزح حوالي 200 ألف شخص من ديارهم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في الأيام الأخيرة، وذلك مع تقدم مقاتلي حركة 23 مارس (M23) المدعومة من رواندا نحو مدينة أوفيرا الاستراتيجية، بعد أيام فقط من جهود السلام التي قادتها الولايات المتحدة والتي تبدو الآن مهددة بشدة. وتثير هذه التطورات مخاوف جدية بشأن استقرار المنطقة وتزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتدهور بالفعل في شرق الكونغو.

أفادت السلطات المحلية أن مقاتلي حركة 23 مارس سيطروا على أطراف مدينة أوفيرا في مقاطعة كِيفو الجنوبية يوم الأربعاء، كجزء من هجوم جديد أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 74 شخصًا، وفقًا للأمم المتحدة. وتأتي هذه الاشتباكات على الرغم من اتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الرئيسين الكونغولي ورواندي في واشنطن العاصمة الأسبوع الماضي.

الوضع في الكونغو الديمقراطية وتصاعد قتال حركة 23 مارس

على الرغم من أن الاتفاق المبرم في واشنطن لا يشمل حركة 23 مارس بشكل مباشر، إلا أنه يلزم رواندا بوقف دعم الجماعات المسلحة. ومع ذلك، فإن تواجد مقاتلي الحركة في أوفيرا، وهي مدينة حدودية مع بوروندي، يمثل تحديًا كبيرًا للاتفاق. وتشير التقارير إلى أن الجيش الكونغولي قد انسحب جزئيًا من المدينة باتجاه مقاطعة تانغانيكا المجاورة.

تعتبر أوفيرا موقعًا استراتيجيًا ليس فقط لأهميتها العسكرية، بل أيضًا كمركز إداري للحكومة الكونغولية بعد طردها من مدينة بوكافو في يناير. كما أنها نقطة عبور رئيسية للجيش البوروندي الذي يدعم القوات الكونغولية منذ عامين.

هجوم الحركة وتداعياته الإنسانية

تمكنت حركة 23 مارس من السيطرة على عدة معاقل، بما في ذلك أوفيرا، وهو ما يعتبر مكسبًا كبيرًا لها. وتتواصل الاشتباكات بين مقاتلي الحركة والقوات الحكومية الكونغولية بالإضافة إلى الجماعات المحلية المعروفة باسم “وازاليندو” في القرى الشمالية من أوفيرا.

أعرب ممثل المجتمع المدني في أوفيرا، مرافيكي ماسيمانغو، عن قلقه الشديد بشأن تقدم الحركة جنوبًا، مؤكدًا أن السكان في حالة ذعر. كما أكد ضابط كبير في الجيش الكونغولي أن الجنود ينسحبون من الهجوم باتجاه الجنوب والشرق نحو بوروندي.

في المقابل، حث كورنيل نانغا، زعيم تحالف “نهر الكونغو” (AFC) الذي تنتمي إليه حركة 23 مارس، الجنود الفارين على عدم مغادرة المدينة، داعيًا إياهم للانتظار حتى “تحريرهم”.

ردود الفعل الدولية وجهود السلام

أعربت المجموعة الدولية للاتصال بشأن منطقة البحيرات العظمى، والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولًا أخرى، عن “قلقها العميق” بشأن العنف المتجدد. وأشارت المجموعة إلى أن الهجوم الجديد لحركة 23 مارس “يحمل إمكانات لزعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها”.

على الرغم من هذه الاشتباكات، أكد زعيم حركة 23 مارس، برتراند بيسيموا، دعم الحركة لمحادثات السلام التي تقودها قطر في الدوحة، حيث تم توقيع اتفاق إطاري الشهر الماضي بهدف إنهاء القتال في شرق الكونغو. وأضاف بيسيموا أن الحركة مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات مع كينشاسا.

تواصل رواندا نفي دعمها لحركة 23 مارس، على الرغم من الأدلة التي قدمتها واشنطن والأمم المتحدة. وقد اتهم الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي رواندا بانتهاك الالتزامات التي تعهدت بها في الولايات المتحدة.

أكد مسؤول كبير في إدارة ترامب أن واشنطن تتابع الوضع عن كثب وتعمل مع الكونغو ورواندا، مشيرًا إلى أن الرئيس السابق ترامب أكد على أهمية التنفيذ الفوري للاتفاق.

تفاقم الوضع الإنساني في شرق الكونغو، حيث أُجبر بالفعل أكثر من 1.2 مليون شخص على النزوح بسبب الصراع المستمر. ويتسبب الهجوم الجديد في زيادة أعداد النازحين وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان المحليين.

من المتوقع أن تستمر المحادثات الدبلوماسية في محاولة لتهدئة التوترات وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى مستقبل هذه الجهود غير مؤكدًا، خاصة في ظل استمرار القتال وتصاعد التوترات بين الأطراف المتنازعة. سيكون من الضروري مراقبة تطورات الوضع على الأرض والتزام رواندا بوقف دعمها لحركة 23 مارس لتقييم فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version