شهد أغسطس/آب المنصرم جملة واسعة من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس وفي المسجد الأقصى، تصاعدت فيه أعداد المقتحمين الذين سجلوا انتهاكات صارخة في المسجد، بالإضافة إلى تسارع وتيرة الهدم وتنفيذ مشاريع استيطانية في المدينة.

فعلى صعيد المسجد الأقصى، تصاعدت انتهاكات المستوطنين المدعومة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي داخل المسجد وفي محيطه، خاصة خلال إحياء المتطرفين لذكرى “خراب الهيكل”، واحتفالهم بـ “رأس الشهر العبري”.

وفيما يمى ذكرى “خراب الهيكل” اقتحم المسجد الأقصى 3969 متطرفا ومتطرفة بواقع فوج من المقتحمين كل 10 دقائق، وهو ما أدى لاجتماع 6 أفواج من المستوطنين دفعة واحدة داخل الساحات، بعد توفير المواصلات والجولات الإرشادية لهم مجانا.

تأدية الطقوس كافة

وأدى المقتحمون صلاة “بركات الكهنة” (صلاة توراتية خاصة يقوم الحاخام خلالها بمرافقة تلاميذه، ويرفعون فيها أيديهم ويبسطونها فوق رؤوسهم، مع تلاوة فقرات من “سِفر العدد” في التوراة) وصلاة “الشماع” (إحدى أهم الصلوات عند اليهود، وتعدّ أساس التوحيد وقبول الوصايا العشر بالتوراة، ويجب أن تؤدى قبل النوم وعند الاستيقاظ ومع صلاة الصباح، وفيها يغطي المصلي وجهه أثناء التلاوة ويحاول الخشوع والسجود).

وأدى المتطرفون أيضا طقس “السجود الملحمي” (الانبطاح الكامل واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه بالكامل) جماعيا، وارتدى بعضهم لفائف “التفلين”، ورفعوا العلم الإسرائيلي، ورددوا النشيد الإسرائيلي “هاتيكفا”، كما رقصوا وغنوا ورددوا أغنية “سيُبنى الهيكل”.

وفي ذات المناسبة اقتحم عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست المسجد وعلى رأسهم الوزير إيتمار بن غفير، الذي تعمد أداء صلاة علنية، وتطرق خلال اقتحامه للأقصى إلى مقطع الفيديو الذي بثته كتائب القسام لأسير إسرائيلي ظهرت عليه علامات سوء التغذية، وقال في رسالته “تأتي مقاطع الفيديو المرعبة التي نشرتها حماس على خلفية شيء واحد هو محاولتهم ممارسة الضغط على دولة إسرائيل”.

وأضاف “أقول هذا تحديدا من هنا، حيث أثبتنا أن السيادة والحكم ممكنان.. علينا أن ننقل رسالة أن نضمن احتلال قطاع غزة بأكمله، وإعلان السيادة عليه، وطرد كل عضو في حماس، وتشجيع الهجرة الطوعية. وبهذه الطريقة فقط سنعيد المخطوفين وننتصر في الحرب.”

وفي هذه الذكرى؛ تعمد مستوطنون وضع ملصقات على سلالم باب العمود كُتب عليها “نستقبل وجه المسيّا”، في إشارة إلى انتظار المسيح المخلص الذي سيبني الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى، وفق زعمهم.

النفخ بالبوق في الأقصى

وعشيّة ويوم رأس الشهر العبري (24 و25 أغسطس) اقتحم المسجد الأقصى 428 متطرفا، وفي اليوم التالي الذي يوافق رأس الشهر العبري اقتحمه 629 بينهم حاخام أقدم على النفخ في “الشوفار” (البوق) في الساحات الشرقية، وبهذه المناسبة نظمت الجماعات المتطرفة جولة مسائية حول أبواب المسجد رفقة جوقة موسيقية يرتدي أفرادها لباس طبقة الكهنة في المعبد.

ومن الانتهاكات الأخرى التي سُجلت في الساحات خلال شهر أغسطس/آب المنصرم إقدام شرطة الاحتلال على تثبيت علم إسرائيلي في مقرها بالخلوة الجنبلاطية بصحن قبة الصخرة المشرفة، واقتحام عائلة جنديّ إسرائيلي قُتل في لبنان المسجدَ للاحتفال ببلوغ نجله البكر.

كما قررت محكمة الصلح الإسرائيلية تعويض مستوطن ماليا لأنه الشرطة منعته من دخول الأقصى لارتدائه لفائف “التفلين”، وهو أول مستوطن أقدم على هذا الانتهاك، بالإضافة إلى اقتحام مستوطنة المسجد حافية القدمين، ورفعت علما إسرائيليا كبيرا في الساحات.

وأصدر الحاخام “دوڤ ليئور” فتوى تُحرّم على مقتحمي المسجد الأقصى السجود أو الاحتكاك بالأرضية الحجرية، واشترط إباحة القيام بذلك بتغيير الأرضية أو السيطرة الإسرائيلية الكاملة على أولى القبلتين.

استمرار انتهاكات حقوق الإنسان

أما على صعيد انتهاك الحريات؛ فاعتقلت قوات الاحتلال على مدار الشهر أكثر من 40 مقدسيا، بينهم 8 قاصرين وامرأة، فيما أصدرت محاكم الاحتلال 10 أوامر اعتقال إداري بحق أسرى من محافظة القدس.

وصدرت عن مخابرات الاحتلال 10 أوامر إبعاد، بينها 5 عن المسجد الأقصى المبارك، أحدها بحق مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين، بالإضافة إلى 3 أوامر إبعاد عن الضفة الغربية أحدها أمر تمديد إبعاد محافظ القدس عدنان غيث، كما أصدر الاحتلال قرارَي إبعاد عن القدس بحق أسيرين محررين.

وعلى صعيد جرائم الهدم وثقت الجزيرة نت تنفيذ 30 عملية هدم في محافظة القدس على مدار الشهر المنصرم، بينها 15 عملية هدم ذاتي قسري، كما علّقت طواقم بلدية الاحتلال أوامر تمنع أصحاب أراضي حي المشاهد ببلدة أم طوبا جنوب القدس من دخوله بادعاء أن أراضيهم التي شُيدت عليها منازلهم قد صودرت لصالح “الصندوق القومي اليهودي”.

مزيد من الاستيطان

أما فيما يتعلق بالاستيطان فبدأت سلطات الاحتلال تنفيذ بعض المشارع كـ “طريق السيادة” الذي أُخطر أكثر من 40 فلسطينيا في بلدة العيزرية شرق القدس، والتجمعات البدوية الواقعة على أراضيها بإخلاء منشآتهم أو هدمها لصالح هذا الشارع، كما انطلقت أعمال توسعة شارع “437” الاستيطاني.

وافتتحت خلال الشهر الماضي حديقة “روبين” الاستيطانية على مساحة 36 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) على أنقاض قرية الشيخ بدر المقدسية المهجرة عام 1948، كما افتتحت البلدية غابة استيطانية بعد تطويرها وهي غابة لواء “ناحال” التي تخلد ذكرى مقتل 73 جنديا إسرائيليا.

ولم ينتهِ شهر أغسطس قبل أن يعلن الاحتلال عزمه إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس بقرار من وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بسبب اعتراف فرنسي متوقع بالدولة الفلسطينية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version