Published On 1/9/2025
|
آخر تحديث: 11:14 (توقيت مكة)
في غضون ساعات قليلة، تحولت تغريدة على منصة “إكس”، أعاد نشرها مالك المنصة إيلون ماسك على حسابه، إلى واحدة من أكثر القضايا تداولا في بريطانيا وأوروبا، بعدما استخدمت لتأجيج خطاب معاد للمهاجرين والمسلمين.
بدأت القصة بمزاعم صادمة عن “شقيقين باكستانيين يغتصبان طفلين في مسجد بمدينة ليدز”، بالإضافة إلى “تخدير 30 قاصرا واستغلالهن في أعمال غير أخلاقية، وقطع أصابع فتاتين حاولتا الهرب”.
هذه المزاعم أعيد نشرها على نطاق واسع، تحت عناوين تحريضية من قبيل: “الهجرة غير الشرعية تدمر المملكة المتحدة”، لكن انتشارها بلغ ذروته عندما تبناها مالك المنصة إيلون ماسك، إذ علق عليها بعبارة قصيرة حصدت أكثر من 35 مليون مشاهدة، مما حول القصة إلى مادة لتغذية حملات الكراهية ضد المهاجرين.
فما حقيقة القصة؟ وهل المتهمون باكستانيون فعلا؟
الادعاء
نشر القصة حساب باسم “راديو أوروبا” عبر منصة إكس، أمس السبت، وأرفق فيها صورا ادّعى أنها لـ3 أشقاء باكستانيين ارتكبوا اعتداءات جنسية في المملكة المتحدة، وحصدت التغريدة أكثر من 40 مليون مشاهدة حتى الآن.
🚨🇬🇧Pakistani Miah brothers r*ped two 7-year-old boys in a mosque.
They drugged and prostituted 30 underage school girls.
They cut off the toes of two girls who tried to escape.
The court found a total of 62 crimes.
This happened in Leeds UK.
Illegal immigration continues to… pic.twitter.com/55M1c0OoIv
— Radio Europe (@RadioEuropes) August 30, 2025
وبعد ساعات قليلة أعاد مالك منصة إكس “إيلون ماسك” نشر التغريدة عبر حسابه الرسمي معبرا عن صدمته قائلا: “لا أعرف حتى ماذا أقول بعد الآن”، وحققت مشاركته أكثر من 36 مليون مشاهدة على عبارته القصيرة، وعشرات آلاف التعليقات.
I don’t even know what to say anymore https://t.co/j9OXFZWc4X
— Elon Musk (@elonmusk) August 30, 2025
كيف غذى ماسك السردية؟
أثارت مشاركة إيلون ماسك للتغريدة عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس” تفاعلا واسعا، وأسهمت في تعزيز سردية مضللة ومشحونة ضد المهاجرين، وتحديدا الباكستانيين في بريطانيا.
وبمجرد إعادة التغريد من حساب ماسك، الذي يتابعه أكثر من 225 مليون مستخدم، تصدرت القصة حديث المنصات، وانهالت آلاف التعليقات، كثير منها يحمل طابعا عنصريا وتحريضيا.
It is sad as an American watching what our friends in Britain are going through. I don’t understand it and I am fearful when I see it getting a toehold in places like Minnesota.
— Southern Belle (@SBelleofAL) August 30, 2025
في أحد الردود، خاطب مغرد ماسك قائلا: “أقل ما يمكنك فعله هو حظر إكس في باكستان والضغط لضمان عدم حصولهم على قروض من الولايات المتحدة في المستقبل، حاول أيضا التأكد من عدم حصول أي باكستاني على تأشيرة دخول لأي دولة. أنت أغنى رجل على قيد الحياة، ويمكنك بسهولة تحقيق ذلك، يا سيدي”.
The least you could do is ban X in Pakistan and lobby to ensure they don’t get loans from the US in the future.
Also try to ensure no Pakistani gets a visa for any country.
You’re the richest man alive you can easily make this happen, sir.
— ADITYA 🇮🇹 (@Wxtreme10) August 30, 2025
وفي تعليق آخر، كتب أحد المستخدمين: “أي شخص يغتصب الأطفال ويقطع أصابع أقدامهم حتى لا يتمكنوا من الهرب يحتاج إلى محاكمة علنية وإعدام ليكون عبرة للمجتمع، هذا غير مقبول”.
Anyone who rapes children and cuts their toes off so they can’t run away needs A PUBLIC TRIAL & EXECUTION to make an example of them for society to learn that this is not acceptable and you will be held accountable!!! pic.twitter.com/GLI4aep4Ed
— OracleofTheMatrix (@Oracle_ofMatrix) August 30, 2025
هذه الردود، التي لم يتدخل ماسك في تفنيدها، أو توضيح زيف القصة الأصلية، أسهمت في تضخيم الخطاب العنصري والتحريضي على المنصة، وأعادت إنتاج سرديات قديمة تتهم المهاجرين بالعنف والإرهاب.
هل القصة حقيقة؟
مع تصاعد الانتشار وتحول القصة إلى مادة للتداول الواسع، بدأ فريق “الجزيرة تحقق” تتبع الخيوط، بالعودة إلى السجلات القضائية البريطانية والأرشيفات الإخبارية والبيانات الرسمية الصادرة عن الشرطة.
أول ما ظهر أن الرواية لم تكن جديدة كما صوّرت، فالجريمة بالفعل وقعت، لكنها تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، أي قبل نحو عام كامل، وليست حديثة كما أوحت المنشورات، بجانب أن مكانها لم يكن في مدينة ليدز، بل في بارو-إن-فيرنيس التابعة لمقاطعة كمبريا شمال غربي إنجلترا.
أما هوية المتهمين، فقد تبين أنهم 3 أشقاء هم: شاه عمران مية، وشاه جمان مية، وشها علمان مية، وقد أدانتهم المحاكم البريطانية في فبراير/شباط الماضي بأكثر من 60 جريمة جنسية، وحكمت عليهم بالسجن لمدد متفاوتة.
Shaha Amran Miah, 49, Shaha Alman Miah, 47, and Shaha Joman Miah, 38 have been jailed for a total of 52.5years following their convictions for child sex offences between 1996 and 2010.
Read more ▶️ https://t.co/oe0Yq2cnYb pic.twitter.com/r0Njk3va05
— Crown Prosecution Service (@CPSUK) February 24, 2025
لكن اللافت أن بيانات الشرطة وملفات المحكمة لم تشر مطلقا إلى جنسية المتهمين، في حين أشارت تقارير إعلامية بنغالية إلى أنهم من أصول بنغالية، وليسوا باكستانيين كما روّج.
وبالعودة إلى تفاصيل الرواية التي اجتاحت منصات التواصل، لم نجد أي دليل في الوثائق الرسمية على المزاعم المتعلقة بـ”قطع أصابع فتاتين”، مما يكشف أن هذه الجزئية ملفقة بالكامل وأضيفت لزيادة الطابع المروع للقصة.
كما نشرت وسائل إعلام بنغالية تقارير تشير إلى أن المتهمين الثلاثة من أصول بنغالية، وليسوا باكستانيين، مما يفند بشكل واضح المزاعم المتداولة حول الجنسية.