اندلعت اشتباكات جديدة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بين حركة 23 مارس (M23) المدعومة من رواندا والقوات الحكومية. يأتي هذا التطور بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقادة الكونغو الديمقراطية ورواندا في واشنطن، حيث وقعوا اتفاقية سلام تهدف إلى إنهاء الصراع الذي دام عقودًا في البلاد. تتهم الأطراف المتناحرة بعضها البعض باستئناف القتال، وتحديدًا حركة 23 مارس، حيث أفادت عن مقتل 23 شخصًا وإصابة آخرين في قصف الجيش الكونغولي.

تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بمسؤولية اندلاع القتال الجديد يوم الجمعة. صرح متحدث باسم حركة 23 مارس أن القوات الكونغولية وحلفائها شنوا “هجمات على مناطق مكتظة بالسكان في شمال كيفو وجنوب كيفو، باستخدام طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار ومدفعية ثقيلة”.

تصاعد القتال في ظل اتفاقيات السلام الهشة

القتال المتجدد يلقي بظلال من الشك على اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية في شهر يونيو. يهدف الاتفاق إلى تحقيق الاستقرار في البلاد وفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في قطاع التعدين. ومع ذلك، يرى المحللون أن الدبلوماسية الأمريكية أوقفت تصعيدًا محتملًا في القتال في شرق الكونغو، لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية التي تدفع الصراع.

أفاد مسؤول كبير في حركة 23 مارس، طلب عدم الكشف عن هويته، أن قوات المتمردين استعادت السيطرة على مدينة لوبيريكا وأسقطت طائرة بدون طيار تابعة للجيش الكونغولي. لم يصدر تأكيد مستقل لهذه الادعاءات حتى الآن.

النزوح الجماعي للسكان

أثار القتال المتصاعد موجة نزوح جماعي للسكان. ذكر مسؤول محلي في منطقة روسيزي غرب رواندا، فانويل سيندياييهبا، أن أكثر من 700 لاجئ كونغولي، معظمهم من النساء والأطفال، عبروا الحدود إلى رواندا. يتم إيواء اللاجئين مؤقتًا في مركز عبور في المنطقة وتزويدهم بالإمدادات الأساسية مثل الغذاء والمواد البدوية.

تظهر لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أعمدة من النازحين وهم يتحركون نحو رواندا عبر معبر بوغاراما-كامانيولا الحدودي بين الكونغو ورواندا، حاملين ممتلكاتهم وأحياناً مواشيهم. هذا النزوح يضيف إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في المنطقة.

وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد نزح أكثر من 123,600 شخص في الكونغو الديمقراطية بين شهري يوليو وأكتوبر بسبب الهجمات المسلحة والاشتباكات والنزاعات على الأراضي والكوارث الطبيعية. هذه الأرقام تشير إلى الوضع الأمني والإنساني الهش في شرق البلاد.

في غضون ذلك، أكد متحدث باسم الجيش الكونغولي لوكالة رويترز وقوع اشتباكات على طول محاور كازيبا وكاتوغوتا ورورامبو في مقاطعة جنوب كيفو. وأضاف أن “هناك نزوح للسكان في لوفونجي بسبب قصف القوات الدفاعية الرواندية. إنهم يقصفون بشكل أعمى”.

لم يتسن الحصول على تعليق فوري من الجيش الرواندي أو الحكومة الرواندية بشأن هذه الاتهامات. تعتبر هذه الاتهامات خطيرة، خاصة وأن حركة 23 مارس متهمة بتلقي دعم كبير من رواندا، وهو ما تنفيه رواندا بشكل قاطع.

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهوده في التوسط في هذا الاتفاق بأنها “تسوية حرب مستمرة منذ عقود”. وأشار إلى أن إدارته تدخلت في عدد من الصراعات حول العالم بهدف تعزيز مصداقيته كصانع سلام ودعم المصالح التجارية الأمريكية.

الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية معقد للغاية، وتتداخل فيه مصالح إقليمية ودولية. تعتبر منطقة شرق الكونغو غنية بالمعادن، مما يزيد من حدة التنافس عليها ويساهم في استمرار الصراع. حركة 23 مارس ليست طرفًا مباشرًا في اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه بوساطة الولايات المتحدة.

من المتوقع أن يتلقى الوضع تحديثًا من الأمم المتحدة في غضون الأيام القليلة القادمة بشأن جهودها في مراقبة الهدنة وتقديم المساعدة الإنسانية للنازحين. يتعين على الأطراف المعنية الالتزام بتعهداتها بموجب اتفاق السلام، ولكن مدى نجاح ذلك لا يزال غير مؤكد. من الأهمية بمكان مراقبة تطورات الوضع في المنطقة عن كثب لمعرفة ما إذا كان سيتمكن السلام من الانتصار على العنف.

الكلمات المفتاحية: حركة 23 مارس, جمهورية الكونغو الديمقراطية, رواندا, اتفاق السلام, النزوح

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version