من المتوقع أن يواجه حوالي 318 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2026، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي (WFP). ويأتي هذا التحذير في ظل تراجع كبير في التمويل المتاح للمنظمة، مما يهدد بزيادة تفاقم الأزمة الإنسانية حول العالم. وتشير تقديرات البرنامج إلى أن المساعدات ستصل إلى حوالي نصف ما هو مطلوب لمعالجة الاحتياجات المتزايدة.
توقعات مقلقة بشأن الأمن الغذائي العالمي
أصدر برنامج الأغذية العالمي تقريره العالمي لعام 2026، والذي يكشف عن أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد قد تضاعف بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2019. ويقدر التقرير أن 41 مليون شخص على الأقل سيكونون في مرحلة “الطوارئ” أو أسوأ، وهو ما يعادل التصنيف الرابع أو أعلى على مقياس عالمي لمراقبة الجوع.
أسباب تفاقم الأزمة
ويُعزى ارتفاع معدلات الجوع بشكل أساسي إلى النزاعات المسلحة، حيث تمثل هذه النزاعات أكثر من ثلثي حالات انعدام الأمن الغذائي الحاد على مستوى العالم. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الصدمات المناخية، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة في تفاقم الوضع.
وفي قطاع غزة، أعلن برنامج الغذاء العالمي عن وجود مجاعة في أغسطس الماضي، بعد أشهر من فرض قيود إسرائيلية مشددة على إمدادات الغذاء والوقود والمياه والدواء. ولا تزال الأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية حادة للغاية.
كما أكدت منظمة WFP وجود ظروف مجاعة في الفاشر وكادوقلي بالسودان، بالإضافة إلى 20 منطقة أخرى في دارفور وكردفان، والتي تواجه خطرًا متزايدًا للانزلاق إلى المجاعة بسبب المعارك الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
تراجع التمويل وتأثيره
يتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يتلقى حوالي 40٪ أقل من التمويل المطلوب في العام المقبل. ويأتي هذا التراجع في التمويل بعد إعلان الولايات المتحدة عن تخفيضات كبيرة في مساهماتها للمنظمة وغيرها من الوكالات الدولية والأممية، عقب عودة الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في بداية هذا العام.
وحسب تقديرات البرنامج، يبلغ إجمالي الاحتياجات التشغيلية لعام 2026 حوالي 13 مليار دولار أمريكي، معظمها سيخصص للاستجابة للأزمات وبناء القدرة على الصمود ومواجهة الأسباب الجذرية للجوع. ومع ذلك، تشير التوقعات الحالية إلى أن البرنامج قد يحصل على أقل من نصف هذا المبلغ.
وبينت تصريحات لسيدة سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، أن العالم يشهد في الوقت الحالي مجاعات متزامنة في غزة وأجزاء من السودان، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق في القرن الحادي والعشرين. وأضافت أن الجوع يتجذر بشكل متزايد، وأن الحلول الفعالة المبكرة يمكن أن تنقذ الأرواح، لكن البرنامج يحتاج بشكل ماس إلى المزيد من الدعم.
مناطق أخرى تشهد مستويات عالية من الجوع
بالإضافة إلى غزة والسودان، تشمل المناطق الأخرى التي تثير قلقًا كبيرًا أفغانستان واليمن وسوريا وجنوب السودان ومنطقة الساحل في شرق أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي ونيجيريا. وتشير التقارير إلى أن الأزمات الغذائية تتزايد في هذه المناطق، مما يستدعي تدخلًا عاجلاً.
وفي هذا السياق، يُبرز دور الأمن الغذائي كأحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. إن معالجة الأسباب الجذرية للجوع وتوفير الدعم اللازم للفئات الأكثر ضعفًا أمر ضروري لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية.
من المتوقع أن يستمر برنامج الأغذية العالمي في تقديم تقارير دورية حول تطورات الأوضاع الغذائية العالمية، وأن يعمل على حشد الدعم اللازم لمواجهة التحديات المتزايدة. ويتعين على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في توفير المساعدة الإنسانية اللازمة، والعمل على إيجاد حلول مستدامة للجوع.

