أعلنت دول بوركينا فاسو ومالي والنيجر، الثلاثاء، عن إطلاق قوة عسكرية مشتركة تهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية ومكافحة الجماعات المسلحة، وذلك بعد طرد القوات الفرنسية والأمريكية من أراضيها. وتأتي هذه الخطوة في إطار تحالف “دول الساحل” (AES) الذي يضم الدول الثلاث، والذي يسعى إلى تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي في المنطقة. هذا التحرك يمثل تطوراً هاماً في السيادة الإقليمية في منطقة الساحل.

عقد قادة الدول الثلاث قمة مشتركة في بوركينا فاسو، اختتمت يوم الثلاثاء، وأعلنت عن عمليات مشتركة واسعة النطاق ضد الجماعات المسلحة في الأيام المقبلة. يأتي هذا الإعلان بعد فترة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية في كل من هذه الدول، وانسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لتشكيل تحالف “دول الساحل” في عام 2024.

تعزيز التعاون الأمني والسيادة الإقليمية

أكد القادة العسكريون للدول الثلاث على إنهاء وجود القوات الأمنية التقليدية، مثل فرنسا والولايات المتحدة، والتحول نحو روسيا كحليف في سعيها لتعزيز السيادة الإقليمية. ويُعتبر إطلاق “القوة الموحدة لدول الساحل” (FU-AES) التي تضم 5000 جندي، علامة فارقة رئيسية بالنسبة للتحالف.

صرح الجنرال عمر تشياني، قائد المجلس العسكري في النيجر، خلال القمة بأن تحالف “دول الساحل” قد “وضع حداً لجميع القوات المحتلة في بلداننا”. وأضاف: “لن يقرر أي بلد أو مجموعة مصالح مصير بلداننا بعد الآن”.

التحديات الأمنية والاقتصادية

حذر إبراهيم تراوري، الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو، من خطر عدم الاستقرار المتزايد في غرب أفريقيا، واصفاً إياه بـ “الشتاء الأسود” – وهي مرحلة من التهديدات الخارجية والعنف والضغوط الاقتصادية التي تهدف إلى تقويض سيادة دول الساحل. وتواجه المنطقة تحديات أمنية كبيرة بسبب انتشار الجماعات المتطرفة.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الدول الثلاث قناة تلفزيونية مشتركة باسم “AES Television”، ووصفها الرئيس المالي الجنرال أسيمي غويتا بأنها أداة استراتيجية “لتحطيم حملات التضليل والأخبار المعادية التي تستهدف دولنا”.

على الصعيد الأمني، أفاد غويتا بتحقيق نتائج عمليات إيجابية، مدعياً تدمير “عدة قواعد إرهابية”. وعلى الصعيد الاقتصادي، رفض تصوير منطقة الساحل بأنها تعاني من فقر هيكلي، مشيداً بـ “الإمكانات التعدينية والزراعية الهائلة” للتحالف.

التحالف الجديد وتأثيره على المنطقة

يرى أولف لاسينغ، رئيس برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور، أن القمة السنوية الثانية لتحالف “دول الساحل” تُظهر تزايد التعاون بين الدول الثلاث، على الرغم من العلاقات المتوترة والعقوبات المتعلقة بالانقلابات من الشركاء العالميين. وأضاف أن التحالف “يحظى بشعبية بين مواطني الدول الثلاث” ويسعى إلى الحفاظ على الزخم من خلال تعميق التعاون بما يتجاوز العمليات العسكرية عبر الحدود.

يشهد التحالف أيضاً تحولاً في الشراكات، حيث تسعى هذه الدول إلى تنويع علاقاتها الدولية، بما في ذلك تعزيز العلاقات مع روسيا. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين دول الساحل والقوى الغربية التقليدية.

تتزايد أهمية التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه منطقة الساحل. وتشير التقارير إلى أن هذه الدول تسعى إلى تحقيق استقلال أكبر في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية.

من المتوقع أن تستمر الدول الثلاث في تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي في الأشهر المقبلة، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وتعزيز التنمية الاقتصادية. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل التحالف وتأثيره على الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل استمرار التوترات مع إيكواس والمجتمع الدولي. سيكون من المهم مراقبة التطورات على الأرض وتقييم فعالية القوة الموحدة في تحقيق أهدافها المعلنة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version