أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسلسلة من التصريحات القوية خلال مقابلات وخطابات حاشدة مؤخرًا، تتعلق بالحالة الاقتصادية، وتهديد عصابات المخدرات في فنزويلا، وشعبيته بين الأمريكيين من أصل أفريقي. وقد أثارت هذه التصريحات تساؤلات حول دقتها، مما استدعى تدقيق الحقائق من قبل وسائل الإعلام المختلفة. يركز هذا المقال على تدقيق الحقائق لبعض هذه الادعاءات، بهدف تقديم صورة واضحة للقارئ.
في مقابلة مع شبكة “بوليتيكو” الإخبارية، تناول ترامب جوانب مختلفة من السياسة والاقتصاد. ثم، في تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا، شن هجومًا لاذعًا على النائبة إلهان عمر، زاعمًا أنها في البلاد بشكل غير قانوني. هذه التصريحات، وغيرها، تتطلب فحصًا دقيقًا لضمان تقديم معلومات صحيحة للجمهور.
ادعاء ترامب: “اقتصاد مزدهر” وتوريث “أسوأ تضخم في التاريخ”
خلال التجمع في بنسلفانيا، زعم ترامب أنه ورث “أسوأ تضخم في تاريخ بلدنا” من الرئيس السابق جو بايدن. وفي المقابلة مع “بوليتيكو”، أضاف قائلاً: “ورثت فوضى عارمة. كانت الأسعار في أعلى مستوياتها على الإطلاق عندما توليت منصبي”.
كما ذكر ترامب أسعار البنزين، قائلاً إنها كانت تصل إلى 4.50 دولارًا للغالون، وحتى 6 دولارات في بعض الولايات، بينما يجدها الآن بـ 1.99 دولارًا في بعض المحطات.
الحقائق
وفقًا لمنظمة “Factcheck.org” غير الربحية، فإن معدل التضخم السنوي كان أقل من 3٪ خلال الأشهر الستة التي سبقت تولى ترامب منصبه.
وأوضحت المنظمة أن ارتفاع التضخم خلال فترة إدارة بايدن كان مرتبطًا جزئيًا بالضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19. فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) من 5.4٪ إلى 9.1٪ في الفترة التي انتهت في يونيو 2022، لكن هذا لا يزال بعيدًا عن أسوأ معدلات التضخم التي شهدتها الولايات المتحدة، والتي كانت في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث بلغ التضخم 23.7٪ في يونيو 1920.
وفي مارس 1980، وصل التضخم إلى 14.8٪، مما يمثل أحد أكبر الارتفاعات في أسعار المستهلك في التاريخ الحديث للولايات المتحدة. أما بالنسبة لأسعار البنزين، فإن متوسط السعر في الولايات المتحدة في نوفمبر الحالي هو 3.05 دولارًا للغالون، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA).
بينما تتراوح الأسعار من 2.41 دولارًا في أوكلاهوما إلى 4.53 دولارًا في كاليفورنيا اعتبارًا من 3 ديسمبر، وفقًا لسوق “Choose Energy” عبر الإنترنت. إن سعر 1.99 دولارًا الذي ذكره ترامب ينطبق على محطات قليلة في ولايات معينة ولا يعكس متوسط السعر على مستوى الولاية.
ادعاء ترامب: إقامة إلهان عمر في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني
شن ترامب هجومًا على النائبة إلهان عمر، خلال التجمع في بنسلفانيا، زاعمًا أنها في البلاد بشكل غير قانوني. كما أضاف تعليقات حول أصولها وادعاءات بأنها تزوجت شقيقها للحصول على الإقامة.
وردد أنصار ترامب هتافات “أعيديها إلى الوطن!” (Send her back!). كما زعم ترامب أن الصومال لا تمتلك جيشًا أو برلمانًا أو شرطة، وأنها “تقتل بعضها البعض طوال الوقت”.
الحقائق
تمتلك الصومال بالفعل جيشًا وبرلمانًا وقوة شرطة. ولدت إلهان عمر في مقديشو، الصومال، عام 1982، وفرت عائلتها من الحرب الأهلية الصومالية، وقضت أربع سنوات في مخيم للاجئين في كينيا قبل طلب اللجوء في الولايات المتحدة عام 1995، عندما كانت تبلغ من العمر 12 عامًا.
بعد منح اللجوء، يمنح برنامج قبول اللاجئين الأمريكي (USRAP) وضع الإقامة الدائمة القانونية للاجئين، الذين يمكنهم بعد ذلك التقدم للحصول على الجنسية بعد خمس سنوات. أصبحت عمر مؤهلة للحصول على الجنسية بعد خمس سنوات من دخولها الولايات المتحدة، وحصلت عليها في عام 2000، عندما كانت تبلغ من العمر 17 عامًا.
وقد بدأت الشكوك حول وضع عمر القانوني في الولايات المتحدة والادعاءات بأنها تزوجت شقيقها في الانتشار بين اليمين الأمريكي في عام 2018، قبل انتخابها في الكونجرس. رفضت عمر هذه الادعاءات ووصفته بأنها “أكاذيب مقززة” في بيان لوكالة أسوشيتد برس (AP). وقدمت للوكالة سجلات زواج وطلاق مفصلة.
تزوجت عمر من أحمد عبد السلام هيرسي في عام 2002 في حفل ديني إسلامي، وأنجبت طفلين، ثم انفصلا. في عام 2009، تزوجت من المواطن البريطاني أحمد نور سعيد العلمي في زواج مدني، وانفصلا في عام 2011. ثم عادت للزواج من هيرسي في عام 2012، وبعد طلاقها العلمي بشكل قانوني في عام 2017، تزوجت هيرسي مرة أخرى بشكل قانوني في عام 2018.
لا يوجد دليل موثوق به يدعم الادعاءات بأن هيرسي أو العلمي هما شقيقا عمر، وقد نفت هذه الادعاءات بشدة.
ادعاءات ترامب حول فنزويلا والأمريكيين من أصل أفريقي
كرر ترامب خلال مقابلته مع “بوليتيكو” ادعائه بأن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “يرسل الكثير من المخدرات” إلى الولايات المتحدة. كما زعم أن الضربات العسكرية الأمريكية ضد القوارب الفنزويلية في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي تنقذ 25 ألف حياة أمريكية في كل مرة.
وفيما يتعلق بالأمريكيين من أصل أفريقي، قال ترامب: “الأمريكيون من أصل أفريقي يحبون ترامب. لقد حصلت على أكبر عدد من الأصوات من الأمريكيين من أصل أفريقي”.
من المهم ملاحظة أن الادعاءات المتعلقة بضربات القوارب الفنزويلية لم يتم دعمها بأي دليل من قبل إدارة ترامب. كما أن تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2023 لم يشر إلى فنزويلا كمصدر رئيسي للمخدرات المتجهة إلى الولايات المتحدة.
أما بالنسبة للأصوات، فقد حصل ترامب على 20٪ من أصوات الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي في نوفمبر 2024، وهو ما يمثل زيادة عن 12٪ في عام 2020، لكنه لا يزال أقل من حصة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه الادعاءات في الأيام والأسابيع القادمة، مع استمرار وسائل الإعلام في تدقيق الحقائق وتقديم معلومات دقيقة للجمهور. من المهم متابعة هذه التطورات وتقييم المعلومات بشكل نقدي.

