تشهد جمهورية أفريقيا الوسطى (CAR) انتخابات رئاسية، ومن المتوقع أن يحقق الرئيس الحالي فوستين أرتشانج تواديرا فوزًا في جولة أولى، مما يضمن له ولاية أخرى في هذا البلد الذي يعاني من الصراعات. بدأت مراكز الاقتراع في فتح أبوابها في الساعة 05:00 بتوقيت جرينتش يوم الأحد، ومن المقرر أن تغلق في الساعة 17:00 بتوقيت جرينتش، حيث يتوقع أن يدلي 2.3 مليون ناخب بأصواتهم لانتخاب رئيسهم، وأعضاء البرلمان، بالإضافة إلى ممثلي البلديات والمناطق. هذه الانتخابات الرئاسية تأتي في وقت حرج بالنسبة للبلاد.
الوضع السياسي والأمني في جمهورية أفريقيا الوسطى
يُعتقد على نطاق واسع أن تواديرا، الذي يشغل منصبه منذ عام 2016، سيفوز في الجولة الأولى من التصويت. ومع ذلك، إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات، فستُجرى جولة إعادة. يأتي ترشح الرئيس الحالي بعد استفتاء دستوري مثير للجدل في عام 2023 سمح له بالترشح لولايات إضافية.
وفقًا لتقارير، جرت الحملة الانتخابية دون وقوع حوادث كبيرة، باستثناء منع أبرز الشخصيات المعارضة، أنيسيه جورج دولوغويليه، ورئيس الوزراء السابق هنري ماري دوندرا، من السفر إلى الأقاليم لعقد تجمعات حاشدة. وقد أثار هذا الإجراء تساؤلات حول مدى حرية ونزاهة العملية الانتخابية.
انتشرت القوات الأمنية بشكل مكثف في شوارع العاصمة، مع وجود كبير للشرطة والجيش وعناصر من مجموعة فاغنر الروسية. يعكس هذا الانتشار الواسع المخاوف الأمنية المستمرة في البلاد.
تحديات مستمرة
تجري هذه الانتخابات في ظل حرب أهلية مستمرة منذ عام 2013، والتي أدت إلى تدهور أوضاع الدولة، حيث تسيطر الجماعات المسلحة على أجزاء كبيرة من البلاد في بعض الأحيان. وقد أدت هذه الصراعات إلى أزمة إنسانية عميقة.
وقد ساهمت مهمات حفظ السلام الدولية، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى (مينوسكا)، والدعم العسكري من روسيا ورواندا، في تحقيق قدر من الاستقرار في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، لا تزال الجماعات المتمردة نشطة، خاصة في المناطق الحدودية مع السودان وجنوب السودان.
بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، تُجرى أيضًا انتخابات برلمانية، ولأول مرة منذ عقود، انتخابات محلية في البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5.5 مليون نسمة. تهدف هذه الانتخابات إلى تعزيز الحكم المحلي والمشاركة السياسية.
أعيد انتخاب تواديرا في عام 2020، في اقتراع شابته اتهامات بالتزوير واندلاع تمرد من قبل ست جماعات متمردة سعت إلى الإطاحة بالحكومة. تمكنت القوات الحكومية، بدعم من الجيش الرواندي ومرتزقة روس، من صد المتمردين.
تأثير الحملة الانتخابية على المشهد السياسي
وفقًا لـ بول كريسنت بينيغا، وهو عالم سياسي وشخصية من المجتمع المدني، فقد شهدت الحملة الانتخابية “تجمعات مُنسقة” في جميع أنحاء البلاد بهدف ترسيخ فكرة أن تواديرا يتمتع بدعم شعبي واسع النطاق. وقد لوحظ استخدام مكثف لصور الرئيس الحالي في العاصمة، مع وجود لافتات وأعلام وقمصان تحمل صورته في كل مكان.
في حين عقد تواديرا تجمعات حاشدة في ملعب بانغي، اضطر أبرز منتقديه إلى الاكتفاء بجولات في الأحياء وفعاليات في المدارس أو مكاتب أحزابهم. واجه دولوغويليه ودوندرا أيضًا احتمال منعهما من الترشح بسبب مزاعم حول حملهما جنسية دولة أخرى.
أدخل التعديل الدستوري الذي أجراه تواديرا في عام 2023 شرطًا بأن يكون المرشحون من جنسية واحدة فقط. على الرغم من أن المحاكم رفضت هذه الحظر، إلا أن دولوغويليه، الذي ترشح للرئاسة في عام 2020، تم تجريده من جواز سفره في جمهورية أفريقيا الوسطى في منتصف أكتوبر، حتى بعد تنازله عن الجنسية الفرنسية. وقد دفعه ذلك إلى تقديم شكوى إلى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، على الرغم من الموافقة على ترشيحاتهما، لا يزال الكثيرون يشككون في جدوى التصويت وشفافية العملية الانتخابية. هناك مخاوف بشأن التأثير المحتمل للعوامل الخارجية والتدخل في العملية الديمقراطية.
من المتوقع أن تعلن المفوضية الانتخابية المستقلة النتائج الأولية للانتخابات في الأيام القليلة المقبلة. سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل على النتائج، وكذلك أي تطورات أمنية قد تحدث. ستحدد هذه النتائج الانتخابية مسار جمهورية أفريقيا الوسطى في السنوات القادمة، مع التركيز على تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة. الوضع السياسي والأمني في البلاد لا يزال هشًا، ويتطلب جهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية.

