في مشهد مؤلم هز الضمير الإنساني، وثقت عدسات الكاميرات لحظة نقل جثمان الشهيد محمد يوسف الزعانين، الشاب العشريني من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، وهو مسجى على أعلى صندوق خشبي، بعد أن اغتالته رصاصة قناص إسرائيلي أثناء محاولته جلب كيس طحين لأسرته.

لم يكن محمد يحمل سلاحا، ولم يشكّل أي تهديد، بل كان أعزل ينتظر دوره في الحصول على كيس دقيق من إحدى نقاط توزيع المساعدات، ليعود به إلى والدته وأخواته السبع، لكن رصاصة غادرة استقرت في صدره، لتنهي حياة الفتى الوحيد لعائلته، برعاية الاحتلال الإسرائيلي وبمشاركة القوات الأميركية، حسبما وصفه نشطاء فلسطينيون.

وقد أثارت صورة محمد بعد استشهاده جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر آلاف النشطاء الفلسطينيين والعرب عن غضبهم، واعتبروا المشهد “استهتارا مروعا بأرواح الأبرياء”، في مراكز توزيع المساعدات الأميركية التي وصفوها بـ”مصايد موت جماعي”.

وأوضح مغردون أن صورة مؤلمة لشاب في مقتبل العمر، استشهد برصاص الاحتلال بينما كان يحاول الحصول على كيس من الطحين، تتكرر كل يوم في غزة عشرات المرات؛ إذ يعود الشبان محمولين على الأكتاف بدلا من أن يعودوا إلى أهلهم بلقمة العيش.

وأشار آخرون إلى أن محمد لم يتجاوز الـ20 من عمره، وهو الأخ الوحيد لـ7 شقيقات، وكانت والدته تنتظره بعين الأمل أن يعود ببعض الكيلوات من الطحين، ولم يخطر ببالها أنه سيعود إليها ملفوفا بكفن، وأنها ستفجع برحيله بهذه الطريقة القاسية.

ووصف عدد من النشطاء الصورة التي تصدرت المشهد بأنها تختصر حجم الألم في غزة، قائلين: “شاب خرج من بيته حاملا أملا في كيس دقيق، فعاد ملفوفا بكفن على أكتاف الناس، لا على قدميه”.

وفي تعليقات أخرى، أكد البعض أن هذا هو حال غزة اليومي في سبيل الحصول على لقمة العيش، فمنهم من عاد بأكياس الطحين، ومنهم من عاد بجثث أحبائهم بعد أن استهدفوا وهم يصطفّون في طوابير المساعدات.

وكتب ناشط: “رحل محمد، وبقيت والدته تحتضن وجعه وغيابه، بين 7 شقيقات فقدن السند، وأمٍّ لم يبقَ لها في الدنيا إلا الدعاء”.

واعتبر آخرون أن مأساة محمد تجسّد واقع أهالي غزة الذين يخرجون يوميا في رحلة محفوفة بالخطر، لا إلى معركة، بل إلى ما يُسمى زورا “نقطة توزيع مساعدات”، حيث كانت والدته تنتظره كغيرها من الأمهات، تنتظره بعين دامعة وأمل خائف، لكنها لم تكن تنتظر نعشه.

وقال مدونون: “رصاصة إسرائيلية استقرت في صدره بدلًا من كيس الطحين… استُهدف لأنه فلسطيني، لأنه جائع، لأنه تجرأ أن يحلم بالعودة إلى بيته حاملاً ما يسد رمق أخواته”.

ويرى آخرون أن ما حدث هو جريمة بحق الإنسانية وانتهاك صارخ للقانون الدولي، مطالبين العالم بكسر صمته.

وتساءل المدونون: “أيّ عالمٍ هذا الذي يُقتل فيه الإنسان لأنه يريد أن يأكل؟ محمد لم يكن إرهابيًا، لم يحمل سلاحا، كان يحمل كيسا من القهر… اسمه الطحين”.

في السياق ذاته، حذرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في وقت سابق، من أن آلية توزيع المساعدات الأميركية في قطاع غزة تمثل خطرا مباشرا على حياة عشرات الآلاف الذين يعانون من الجوع، في ظل الاستهداف المنهجي للمدنيين في نقاط توزيع المساعدات.

واتهمت الشبكة آلية التوزيع المعتمدة بأنها “تصب في خدمة أجندة الاحتلال بتعميق الأزمة الإنسانية”، مشددة على ضرورة وقف العمل بهذه الآلية وتعزيز دور وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية.

كما دعت إلى فتح تحقيق دولي فيما وصفته بـ”الجرائم المتواصلة” عند نقاط التوزيع، ومحاسبة المسؤولين عنها، إلى جانب مطالبتها بفتح المعابر فورا وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها بطريقة تضمن سلامة المدنيين وكرامتهم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version