|

في مشهد يلخص فصولا متعددة من الألم الإنساني الذي يعيشه سكان قطاع غزة، تواجه الفلسطينية فاطمة عرفة، وهي نازحة حامل في شهرها السادس، خطر فقدان جنينها بسبب سوء التغذية الحاد ونقص الرعاية الصحية، بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ أكثر من 20 شهرا.

فاطمة عرفة امرأة فلسطينية حامل تعاني من سوء التغذية في قطاع غزة (رويترز)

وتقطن فاطمة (34 عاما) مع أطفالها الخمسة في مأوى بدائي من القماش والخشب، بعد أن أُجبرت على النزوح من منزلها شمالي غزة.

وتضطر يوميا لقطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام في درجات حرارة مرتفعة للوصول إلى المستشفى، في ظل انعدام وسائل النقل وشح المواد الغذائية الأساسية.

فاطمة تعيش مع عائلتها داخل خيمة بدائية بعد الفرار من منزلهم في مدينة غزة (رويترز)

وتشير فاطمة إلى أن غياب المواد الغذائية الضرورية مثل الحليب، والبيض، واللحوم، والخضروات الورقية، ساهم في تدهور حالتها الصحية.

وأوضحت أنها تعاني من فقر دم حاد بسبب سوء التغذية، مما اضطرها إلى التوجه إلى مستشفى “الحلو الدولي” لتلقي وحدات دم، مضيفة أنها خرجت من خيمتها عند السابعة صباحا دون أن تتناول شيئا، وكذلك أطفالها الذين تركتهم دون طعام.

الحمل تحول إلى خطر حقيقي على حياتها بسبب فقر الدم الناتج عن سوء التغذية (رويترز)

وأضافت أن نقص الغذاء لا يهدد صحتها فحسب، بل يهدد حياة الجنين أيضا، مؤكدة أنها غير قادرة على القيام بمهامها اليومية، وتشعر بضعف شديد يُصنَّف ضمن الحمل عالي الخطورة وفق الملف الطبي.

التقارير الطبية صنّفت حالة فاطمة ضمن الحمل عالي الخطورة بسبب سوء حالتها الصحية (رويترز)

فتحي الدحدوح، مدير العيادات الخارجية في مستشفى الحلو، قال إن حالة فاطمة تعكس واقعا مقلقا يتكرر في أوساط الحوامل في غزة.

وأوضح أن التحاليل أثبتت إصابتها بفقر دم يستوجب نقل وحدتين من الدم وإدخالها إلى المستشفى، إذ لم تعد قادرة على الحركة أو القيام بأبسط نشاطات الحياة.

الطبيب فتحي الدحدوح أكد أن حالتها تستدعي نقل دم فوريا وإقامة عاجلة في المستشفى (رويترز)

وأشار الدحدوح إلى أن أعداد حالات فقر الدم وسوء التغذية في تزايد مستمر، نتيجة الانهيار التام في الإمدادات الغذائية.

ولفت إلى أن النقص لا يقتصر على اللحوم والألبان والفواكه والخضروات، بل وصل إلى المواد الأساسية مثل الدقيق والخبز.

الطعام غائب عن مائدة فاطمة ويعتمد أطفالها على ما تبقى من العدس والماء (رويترز)

وبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من 55 ألف حامل في غزة يواجهن مخاطر متزايدة تشمل الإجهاض والولادة المبكرة ونقص التغذية.

كما حذرت الأمم المتحدة من أن قرابة 11 ألف حامل مهددات بالمجاعة، و17 ألفا من الحوامل والمرضعات يحتجن إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد.

الأمم المتحدة حذرت من مجاعة تهدد أكثر 17 ألفا من الحوامل والمرضعات في القطاع المحاصر (رويترز)

ويأتي ذلك في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة خلّفتها الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 57 ألف فلسطيني، وفق وزارة الصحة في غزة، وتسببت في نزوح داخلي شبه كامل لمليوني نسمة، وسط تحذيرات دولية من كارثة وشيكة، واتهامات متصاعدة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.

وبين طرقات النزوح والمستشفيات المزدحمة، تخوض فاطمة معركة يومية ضد الجوع والمرض، في واقع باتت فيه أبسط حقوق الإنسان -كالغذاء والرعاية الصحية- حلما مؤجلا في غزة المحاصرة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version