تتصاعد المخاوف بشأن معتقدات السحر وتأثيرها المدمر على النساء في غانا، حيث تواجه العديد منهن النبذ والإقصاء، وحتى العنف المميت. وتُظهر التقارير أن هذه الظاهرة، التي تتجذر بعمق في الثقافة الغانية، تؤدي إلى لجوء النساء المتهمات بالسحر إلى ما يُعرف بـ “معسكرات الساحرات” كملجأ أخير. وتُعد هذه المعسكرات، الموجودة بشكل رئيسي في شمال غانا، رمزًا للتحديات الاجتماعية والقانونية التي تواجهها النساء في البلاد.
معسكرات الساحرات في غانا: واقع مؤلم
تنتشر معسكرات الساحرات في شمال غانا، وتحديداً في مناطق مثل غامباغا وكوكوو وغاني وكباتينغا. هذه المعسكرات ليست سجونًا رسمية، بل هي أماكن يلجأ إليها النساء اللاتي اتُهمهن بممارسة السحر بعد نبذهن من مجتمعاتهن. غالبًا ما تكون النساء المتهمات مسنات أو أرامل أو يفتقرن إلى الدعم العائلي القوي، وهن من بين أفقر فئات المجتمع.
أسباب الاتهامات بالسحر
تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى اتهام النساء بالسحر، وفقًا للتقارير. قد تشمل هذه الأسباب النزاعات على الممتلكات أو الأراضي الزراعية، أو الحسد بسبب النجاح، أو حتى مجرد سوء الفهم. في بعض الحالات، يمكن أن تكون الاتهامات وسيلة للتخلص من النساء أو إبعادهن عن طريق الآخرين.
ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الاتهامات غالبًا ما تكون مرتبطة بالعنف ضد المرأة وتشويه صورتها. ويشير المحللون إلى أن الرجال المتهمين بالسحر يُنظر إليهم على أنهم يستخدمونه للحماية أو تحقيق الخير، بينما تُعتبر النساء المتهمات خطرًا يجب القضاء عليه. هذا التمييز يعكس عدم المساواة العميقة بين الجنسين في المجتمع الغاني.
طقوس “المحاكمة” التقليدية
عند وصولهن إلى المعسكرات، قد تخضع النساء المتهمات لطقوس “محاكمة” تقليدية. تتضمن هذه الطقوس عادةً ذبح دجاجة أو طائر الغينيا. ويُفسر وضع الطائر بعد موته لتحديد ما إذا كانت المرأة مذنبة بممارسة السحر أم لا. على الرغم من أن هذه الطقوس قد تثبت براءة المرأة، إلا أن العودة إلى المجتمع غالبًا ما تكون مستحيلة.
يقول القادة الروحيون التقليديون إن المجتمعات غالبًا ما ترفض قبول النساء المتهمات مرة أخرى، حتى بعد إثبات براءتهن. وهذا يؤدي إلى بقاء النساء في المعسكرات لسنوات، أو حتى لبقية حياتهن، في ظروف معيشية صعبة.
الحاجة إلى الإصلاح القانوني والاجتماعي
أثارت حادثة مقتل أكوا دينتي، وهي امرأة تبلغ من العمر 90 عامًا، في يوليو 2020، بعد اتهامها بالسحر، غضبًا واسع النطاق ودعوات للإصلاح. وقد سلطت هذه الحادثة المأساوية الضوء على العنف الذي تواجهه النساء المتهمات بالسحر والحاجة الملحة إلى حمايتهن.
يدعو نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية إلى إصلاحات قانونية واجتماعية لمعالجة هذه القضية. ويشمل ذلك سن قوانين تجرم الاتهامات الكاذبة بالسحر والعنف المرتبط بها، وتوفير الدعم للنساء المتهمات، وتعزيز التوعية حول مخاطر هذه المعتقدات. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى برامج تعليمية تهدف إلى تغيير المواقف والسلوكيات المتعلقة بالسحر.
تعتبر قضية السحر في غانا جزءًا من ظاهرة أوسع انتشارًا في أفريقيا، حيث يظل الاعتقاد بالخوارق قويًا. ومع ذلك، فإن وجود معسكرات الساحرات يجعل الوضع في غانا فريدًا ويتطلب اهتمامًا خاصًا. وتشير التقارير إلى أن هذه المعسكرات تمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي.
من المتوقع أن يناقش البرلمان الغاني مشروع قانون جديد يهدف إلى تجريم الاتهامات بالسحر والعنف المرتبط بها في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول كيفية موازنة حماية حقوق الإنسان مع احترام التقاليد الثقافية. وستكون الخطوات التالية حاسمة في تحديد ما إذا كانت غانا ستتمكن من معالجة هذه القضية بشكل فعال وضمان حماية النساء المتهمات بالسحر.

