يشهد البحر الكاريبي تصعيدًا عسكريًا أمريكيًا ملحوظًا، مما يثير تكهنات حول احتمال تدخل عسكري في فنزويلا. تأتي هذه التحركات في ظل استمرار التوترات الإقليمية وتصاعد الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتحديدًا فيما يتعلق بمكافحة تهريب المخدرات والنفط.
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تقوم بنشر أصول عسكرية متقدمة في منطقة الكاريبي، بما في ذلك مقاتلات الشبح F-35A، وطائرات الحرب الإلكترونية EA-18G Growler، ومروحيات الإنقاذ HH-60W، وطائرات النقل HC-130J. تهدف هذه الإجراءات، بحسب التحليلات، إلى إتاحة إمكانية شن ضربات برية، وتعطيل الدفاعات الفنزويلية، وفرض حظر نفطي محتمل.
تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في فنزويلا: سيناريوهات محتملة
تأتي هذه التحركات العسكرية الأمريكية بعد سلسلة من الإجراءات المتصاعدة ضد فنزويلا، بما في ذلك اعتراض قوارب يُشتبه في تهريبها المخدرات ومصادرة ناقلة نفط فنزويلية. وتعتبر هذه الإجراءات جزءًا من حملة أوسع تهدف إلى تقويض نظام مادورو، الذي تواجهه اتهامات بالفساد والتورط في تهريب المخدرات.
نشر القوات والمعدات
بالإضافة إلى الطائرات المذكورة أعلاه، تم نقل طائرات تزود بالوقود جوًا إلى جمهورية الدومينيكان، وهي ضرورية لدعم أي عمليات جوية طويلة المدى. كما أن وجود حاملة الطائرات “جيرالد آر. فورد” في المنطقة عزز القدرات العسكرية الأمريكية بشكل كبير، حيث تحمل عشرات الطائرات القادرة على تنفيذ ضربات جوية.
وتشير البيانات إلى أن الولايات المتحدة قامت بنشر 11 سفينة حربية، بالإضافة إلى طائرات مسيرة MQ-9 Reaper وطائرات استطلاع P-8 Poseidon، في المنطقة خلال الأشهر الماضية. هذا الحشد الكبير من القوات والمعدات يعكس مدى جدية واشنطن في مواجهة التحديات التي تمثلها فنزويلا.
الأهداف المحتملة لعملية عسكرية
لوّح الرئيس ترامب باحتمال استهداف أهداف على الأرض في فنزويلا، بعد قصف قوارب يُشتبه في تهريبها المخدرات. ويرى محللون عسكريون أن الضربات الجوية المحددة على أهداف برية هي السيناريو الأكثر ترجيحًا في حال اتخاذ قرار بالتدخل العسكري. قد تشمل هذه الأهداف منشآت عسكرية، وأنظمة دفاع جوي، والبنية التحتية النفطية.
وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة قد تسعى إلى تعطيل قدرة الجيش الفنزويلي على استخدام أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة من خلال عمليات سيبرانية وتشويش على الأقمار الاصطناعية. كما أن تمركز أنظمة الحرب الإلكترونية بالقرب من فنزويلا سيمكن من تشويش الاتصالات وأنظمة الملاحة الفنزويلية.
في مراحل لاحقة، قد يتم إرسال موجات من مقاتلات الشبح F-35 لتدمير دفاعات فنزويلا، ومنشآت القيادة والسيطرة، والبنية التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء. وستلعب طائرات التزويد بالوقود دورًا حاسمًا في دعم هذه العمليات، بالإضافة إلى صواريخ توماهوك التي يمكن إطلاقها من السفن الحربية.
من جهته، أعرب وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو عن استعداد بلاده للدفاع عن أراضيها، واصفًا التحركات الأمريكية بأنها محاولات للترهيب. وأكد أن الجيش الفنزويلي مستعد لمواجهة أي تهديد.
مخاطر التصعيد والمسارات الدبلوماسية
يحذر المحللون الإقليميون والمسؤولون الحكوميون السابقون من أن أي عمل عسكري أمريكي في فنزويلا قد يؤدي إلى أزمة أوسع في أمريكا اللاتينية. فالبلاد المجاورة، مثل كوبا وكولومبيا، قد تتأثر بشكل كبير بالصراع. كوبا تعتمد بشكل كبير على النفط الفنزويلي، في حين أن كولومبيا تشترك في حدود مفتوحة مع فنزويلا، حيث تسيطر جماعات مسلحة على أجزاء واسعة منها.
بالتوازي مع الضغوط العسكرية، تتكشف مسارات دبلوماسية. فقد أجرى الرئيس ترامب اتصالاً هاتفياً بالرئيس مادورو ناقش فيه إمكانية حصول مادورو وعائلته ومساعديه على عفواً عامًا مقابل مغادرته فنزويلا. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب اختلاف المواقف.
في الوقت الحالي، من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغوط على حكومة مادورو من خلال العقوبات والتحركات العسكرية. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع في فنزويلا لا يزال غير مؤكد، ويتوقف على تطورات الأحداث في الأيام والأسابيع القادمة. سيكون من المهم مراقبة أي تغييرات في الاستراتيجية الأمريكية، وكذلك ردود فعل حكومة مادورو وحلفائها الإقليميين.

