تواجه خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لبناء نظام دفاع صاروخي شامل، يُعرف باسم “القبة الذهبية“، تحديات كبيرة، وفقاً لمصادر متعددة. هذه التحديات تشمل التأخيرات الناجمة عن الإغلاق الحكومي السابق، والأهم من ذلك، عدم وجود خطة إنفاق مفصلة للمبلغ الأولي المخصص والبالغ 25 مليار دولار. ويثير هذا الوضع تساؤلات حول إمكانية تحقيق التعهد الذي قطعه ترمب بإنشاء هذا النظام الدفاعي بحلول عام 2028.

وأفادت ثمانية مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يوماً قد أثر بشكل مباشر على سير العمل في المشروع. فقد أدى إلى تعطيل عمليات التوظيف الضرورية، بالإضافة إلى إعادة توجيه موظفين أساسيين بعيداً عن مهامهم المعتادة في الموافقة على العقود وتوقيعها، مما أبطأ التقدم المحرز.

تأخيرات في التمويل تهدد “القبة الذهبية”

الأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب المصادر، هو أن المبلغ المالي الذي تم تخصيصه لـ “القبة الذهبية” كجزء من اتفاق الميزانية الصيفي لم يتم ترجمته بعد إلى خطة إنفاق واضحة. هذه الخطة يجب أن تحدد بدقة كيفية توزيع هذه الأموال على مختلف جوانب المشروع.

وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن التقدم ليس بالسرعة المتوقعة، لكن الوضع ليس كارثياً. وأضاف أن التأخيرات شائعة في مشاريع الدفاع الكبيرة، لكن الإطار الزمني الضيق الذي حدده ترمب يجعل هذه التأخيرات أكثر أهمية.

وتشير التقارير إلى أن نائب وزير الحرب، ستيف فاينبرج، من المتوقع الآن أن يقدم خطة الإنفاق المفصلة إلى الكونجرس بحلول ديسمبر المقبل، بعد تأخير عن الموعد الأصلي في نهاية أغسطس. هذا التأخير يثير مخاوف من أن البنتاجون قد لا يتمكن من طرح عقود رئيسية للمشروع قبل نهاية العام.

مكونات نظام “القبة الذهبية” المقترح

يهدف نظام “القبة الذهبية” إلى توفير حماية شاملة للولايات المتحدة ضد مجموعة واسعة من التهديدات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وصواريخ كروز. وهذا يختلف عن نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي الذي يركز بشكل أساسي على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى.

وتشمل التوجيهات الجديدة التي أصدرها ترمب إمكانية دمج أسلحة طاقة موجهة، مثل الليزر، وصواريخ اعتراضية فضائية، بهدف تدمير الصواريخ في مراحلها الأولية. بالإضافة إلى ذلك، قد يشمل النظام أنظمة دفاع جوي محلية للمدن الكبرى، مثل نيويورك وواشنطن العاصمة ولوس أنجلوس.

كما يُتوقع أن تعتمد “القبة الذهبية” على الذكاء الاصطناعي وشبكات رادار متطورة للكشف عن التهديدات الواردة والاستجابة لها بسرعة وفعالية. هذا التكامل التكنولوجي يهدف إلى تحسين دقة النظام وسرعة رد فعله.

تحديات تواجه الدفاعات الجوية الأميركية

تمتلك الولايات المتحدة بالفعل نظاماً دفاعياً جوياً صاروخياً متطوراً يتكون من أصول برية وبحرية وفضائية. يهدف هذا النظام إلى حماية البلاد من مجموعة متنوعة من التهديدات، بدءاً من الطائرات المعادية وصولاً إلى الصواريخ الباليستية. ويعتبر نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD) هو خط الدفاع الأول ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ومع ذلك، يواجه نظام GMD انتقادات بسبب نتائج الاختبارات غير المتسقة وقدرته المحدودة على التعامل مع هجمات متعددة. وتشير بعض التقارير إلى أن النظام قد لا يكون قادراً على اعتراض جميع الصواريخ الواردة، خاصة تلك التي تحمل طعومًا لخداع أنظمة الدفاع. هذا الأمر يدفع إلى ضرورة تطوير أنظمة دفاعية أكثر موثوقية وشمولية، وهو ما تسعى إليه خطة “القبة الذهبية”.

صرح متحدث باسم البيت الأبيض أن “القبة الذهبية” هو مشروع طموح يقوده رئيس يتمتع برؤية استراتيجية. وأضاف أن إطلاق نظام بهذا التعقيد يتطلب جهودًا كبيرة وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية.

من جانبه، أكد متحدث باسم البنتاجون أن الوزارة تولي اهتمامًا وثيقًا بالتقدم المحرز في برنامج “القبة الذهبية”، وتدرك أهمية حماية المزايا الاستراتيجية الأميركية في هذا المجال. وأضاف أن البنتاجون حريص على ضمان أن النظام الجديد سيكون قادراً على مواجهة التهديدات المتطورة من قبل الخصوم.

في الختام، لا يزال مستقبل “القبة الذهبية” غير واضحًا في ظل التأخيرات الحالية في التمويل والتخطيط. الخطوة التالية الحاسمة هي تقديم خطة الإنفاق المفصلة إلى الكونجرس بحلول ديسمبر، وسيكون من المهم مراقبة ما إذا كان البنتاجون سيتمكن من الوفاء بالموعد النهائي لطرح العقود الرئيسية. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان أن النظام الجديد سيكون فعالاً وموثوقاً به في حماية الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية المتزايدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version