توصلت تركيا وأستراليا إلى اتفاق غير تقليدي لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، المعروف باسم “كوب 31” (COP31)، بعد خلاف استمر لأكثر من عام. وبموجب هذا الاتفاق، ستستضيف تركيا المؤتمر فعليًا، بينما ستتولى أستراليا رئاسة المفاوضات. يأتي هذا الحل في أعقاب مفاوضات مكثفة خلال قمة المناخ الحالية في بيليم، البرازيل، وتجنب تكليف ألمانيا باستضافة الحدث في ظل تحفظاتها اللوجستية.
أُعلن عن هذا التفاهم يوم الخميس، حيث أكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز أن تركيا ستكون الدولة المضيفة لـ “كوب 31″، بينما ستقود أستراليا الجهود الدبلوماسية والتنظيمية للمؤتمر. كان كل من البلدين قد أبدى رغبة قوية في استضافة الحدث، حيث اقترحت تركيا مدينة أنطاليا الساحلية، بينما كانت أستراليا تفضل مدينة أديلايد.
خلاف حول استضافة كوب 31: حل غير مسبوق
يُعد هذا الترتيب غير اعتيادي، حيث عادةً ما تتولى الدولة المضيفة أيضًا رئاسة المؤتمر. ومع ذلك، يذكر هذا الاتفاق بترتيب مماثل شهدته قمة المناخ عام 2017، عندما استضافت ألمانيا المؤتمر برئاسة فيجي. وفقًا لوزير التغير المناخي والطاقة الأسترالي كريس بوين، فإن هذا الاتفاق يمثل تنازلًا من كلا الجانبين، معترفًا بأن أستراليا كانت تأمل في الحصول على كل من الاستضافة والرئاسة.
تعود جذور الخلاف إلى عام 2022، عندما تقدمت كل من أستراليا وتركيا بعروض لاستضافة المؤتمر ورفضتا التراجع عن ترشيحهما. هذا الجمود هدد بتعقيد التخطيط للقمة المقبلة، مما دفع الأمم المتحدة إلى التدخل لحث البلدين على إيجاد حل.
دور ألمانيا المحتمل
في غياب اتفاق بين أستراليا وتركيا، كانت ألمانيا مرشحة لتولي مهمة الاستضافة، لكنها أعربت عن قلقها بشأن قدرتها على التخطيط للحدث بشكل كافٍ في الوقت المحدد. وأشار وزير الدولة الألماني يوخن فلاسبارث إلى أن المناقشات كانت بناءة، وأن التوصل إلى اتفاق بين دولتين من مناطق مختلفة من العالم يمثل إنجازًا دبلوماسيًا.
ومع ذلك، لم يخف البعض انتقاداتهم للاتفاق. صرح دبلوماسي أوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن تركيا تسعى بشكل أساسي إلى الحصول على دعاية، بينما تولي أستراليا اهتمامًا أكبر بالمحتوى الفعلي للمؤتمر.
حصلت أستراليا على دعم من دول مثل المملكة المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى دول منطقة المحيط الهادئ، التي كانت تخطط لاستضافة قمة المناخ بالتعاون معها. هذا الدعم عزز موقف أستراليا في المفاوضات، لكنه لم يكن كافيًا لإقناع تركيا بالتنازل عن استضافة المؤتمر.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن بوين عن خطط لعقد محادثات منفصلة في منطقة المحيط الهادئ قبل القمة، بهدف جمع التمويل اللازم لمساعدة المنطقة على التكيف مع آثار تغير المناخ. تأتي هذه المبادرة في إطار التزام أستراليا بدعم جهود التخفيف والتكيف في الدول الجزرية الصغيرة، التي تعتبر من بين الأكثر تضررًا من ارتفاع منسوب مياه البحر والظواهر الجوية المتطرفة.
تعتبر مؤتمرات الأطراف (COPs) بمثابة المنتدى العالمي الرئيسي لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ. يهدف “كوب 31” إلى بناء زخم حول تنفيذ اتفاق باريس، وتسريع الجهود لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعبئة التمويل المناخي للدول النامية.
الخطوة التالية هي البدء في التخطيط التفصيلي للمؤتمر، وتحديد جدول الأعمال، وإعداد الترتيبات اللوجستية. من المتوقع أن تبدأ أستراليا في تولي مسؤولياتها كرئيسة للمؤتمر على الفور، والعمل بشكل وثيق مع تركيا لضمان نجاح الحدث. سيكون من المهم مراقبة كيفية تعاون البلدين في الأشهر المقبلة، وكيف سيؤثر هذا الترتيب غير المسبوق على نتائج “كوب 31”.

