تستعد الولايات المتحدة لاعتراض ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا في المياه الدولية، في تصعيد جديد للضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو. يأتي هذا الإجراء بعد أيام من إعلان الرئيس دونالد ترامب عن فرض ما وصفه بـ”حصار” على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات المتجهة إلى فنزويلا أو القادمة منها، مما يثير تساؤلات حول مستقبل النفط الفنزويلي وتأثير ذلك على الأسواق العالمية.
أفاد ثلاثة مسؤولين أمريكيين، لوسائل إعلامية يوم السبت، أن خفر السواحل الأمريكي يقود العملية، لكنهم لم يكشفوا عن الموقع الدقيق للاعتراض. وقد أحالت كل من خفر السواحل ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الاستفسارات إلى البيت الأبيض، الذي لم يصدر بعد تعليقًا رسميًا.
تصعيد العقوبات الأمريكية على فنزويلا والبحث عن بدائل للنفط
يأتي هذا التحرك في سياق استمرار واشنطن في تشديد الخناق على فنزويلا، بهدف عزل الرئيس مادورو وإجباره على التنحي. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات واسعة النطاق على فنزويلا منذ عام 2019، تستهدف قطاع النفط بشكل خاص، والذي يمثل المصدر الرئيسي للدخل القومي للبلاد. هذه الإجراءات تهدف إلى منع نظام مادورو من تمويل أنشطته، وفقًا لتصريحات إدارة ترامب.
في رد فعله على هذه الخطوة، ذكر الرئيس ترامب الأربعاء الماضي أنه لن يسمح بأي مرور لناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، زاعمًا أن كاراكاس “استولت” على حقوق الطاقة الأمريكية. وأشار إلى رغبته في استعادة هذه الحقوق، معتبرًا أن الاستيلاء تم بطريقة “غير قانونية”.
يمثل احتجاز ناقلة النفط “سكيبر” في 11 ديسمبر الجاري، أول عملية مصادرة أمريكية لناقلة نفط فنزويلية منذ بدء فرض العقوبات، مما يشير إلى أن واشنطن مستعدة لتنفيذ عقوباتها بشكل أكثر صرامة.
التهديد بالتدخل العسكري وتصريحات ترامب
أثار الرئيس ترامب، في مقابلة مع شبكة NBC NEWS، احتمال التدخل العسكري في فنزويلا، قائلاً إنه “لا يستبعد الأمر”. جاء هذا الرد على سؤال حول ما إذا كان فرض الحصار على ناقلات النفط، بالإضافة إلى العمليات في منطقة الكاريبي، قد يؤدي إلى نشوب صراع مع فنزويلا.
وعلى الرغم من أنه رفض مناقشة هذه النقطة بالتفصيل، إلا أنه أكد أن الولايات المتحدة قد تقوم بمزيد من عمليات مصادرة ناقلات النفط، مضيفًا أن مصير هذه الناقلات يعتمد على “ما إذا كانوا أغبياء بما يكفي لتسييرها” و”ما إذا كانوا سيعودون إلى موانئنا”.
كما أشار ترامب إلى أنه يدرك تمامًا ما يريده الرئيس مادورو، دون الخوض في تفاصيل حول أهدافه النهائية. هذه التصريحات أثارت مخاوف بشأن تصعيد التوترات في المنطقة واحتمال تدخل عسكري أمريكي.
بالمقابل، يرى محللون أن هذه التحركات قد لا تؤدي إلى تغيير سريع في الوضع السياسي في فنزويلا، ولكنها ستزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن هناك تساؤلات حول فعالية الحصار النفطي في تحقيق أهداف واشنطن، خاصة مع وجود دول أخرى قد تكون مستعدة لتقديم الدعم الاقتصادي لفنزويلا.
وتشكل قضية النفط الفنزويلي بعدًا هامًا في هذه الأزمة، حيث تعتبر هذه المادة الخام مصدر دخل حيوياً للبلاد، كما أنها تلعب دورًا في تلبية احتياجات الطاقة العالمية. القيود المفروضة على تصدير النفط الفنزويلي قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية وزيادة الضغوط على الدول المستوردة.
بالإضافة إلى ذلك، تتأثر منطقة الكاريبي بشكل كبير بهذه التطورات. وتوجد مخاوف من أن يؤدي تصعيد التوترات إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وزيادة خطر التدخل الخارجي. كما أن هناك قلق بشأن مصير المستثمرين الأجانب في فنزويلا واحتمال خسارتهم لاستثماراتهم.
هذا ويعتبر تصدير النفط من فنزويلا محاولات للالتفاف على العقوبات، حيث تسعى الحكومة الفنزويلية إلى إيجاد طرق بديلة لتصدير نفطها، مثل استخدام ناقلات أخرى أو التعاون مع دول لا تطبق العقوبات الأمريكية.
تاريخيًا، كانت فنزويلا من بين أكبر منتجي النفط الخام في العالم، لكن الإنتاج انخفض بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات والإدارة السيئة. قد يؤدي الحصار النفطي إلى تسريع هذا الانحدار وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية.
تأثير العقوبات على أسعار النفط العالمية
وفقًا لتقارير حديثة، قد يؤدي تقييد النفط الفنزويلي إلى زيادة أسعار النفط في السوق العالمية، خاصة في ظل حالة عدم اليقين السائدة بشأن المعروض والطلب. وتعتبر هذه الزيادة في الأسعار بمثابة ضربة للاقتصاد العالمي، الذي يعاني بالفعل من تداعيات جائحة كوفيد-19.
من المتوقع أن تتواصل الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على فنزويلا من خلال العقوبات والتهديدات العسكرية، في حين من المرجح أن تواصل الحكومة الفنزويلية في البحث عن طرق لتجاوز هذه العقوبات والحفاظ على تدفق النفط. وسيظل مستقبل النفط الفنزويلي غير مؤكد، مع احتمال حدوث تطورات جديدة في أي لحظة.
في الأيام القادمة، سيراقب المراقبون عن كثب رد فعل فنزويلا على الاعتراض الأمريكي المحتمل، وكذلك موقف الدول الأخرى في المنطقة والعالم. كما سيكون من المهم متابعة التطورات السياسية في فنزويلا واحتمال حدوث تغيير في السلطة.

