يتجه أكثر من 6.5 مليون ناخب في هندوراس، يوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد، في انتخابات تشهد منافسة حادة وتوترات سياسية متزايدة. وتأتي هذه الانتخابات في ظل مخاوف بشأن الشفافية والنزاهة، بالإضافة إلى التدخل الخارجي، خاصةً مع دعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمرشح اليميني نصري عصفورة. هذه الانتخابات الهامة في هندوراس قد تحدد مسار البلاد في السنوات القادمة.
وتشهد البلاد سباقًا ثلاثيًا قويًا، حيث يتنافس كل من ريكسي مونكادا، وسلفادور نصرالله، ونصري عصفورة على المنصب الرئاسي. بالإضافة إلى اختيار الرئيس، سيختار الناخبون أعضاء الكونجرس ورؤساء البلديات والمجالس المحلية، في انتخابات تجرى بنظام الجولة الواحدة للرئاسة والتمثيل النسبي لبقية المناصب.
مخاوف تحيط بانتخابات الرئاسة في هندوراس
تاريخيًا، شهدت الانتخابات في هندوراس جدلاً واسعًا منذ الانقلاب على الرئيس مانويل زيلايا في عام 2009. وقد أثارت انتخابات 2013 و 2017 على وجه الخصوص احتجاجات واتهامات بالتزوير، خاصةً مع إعادة انتخاب الرئيس السابق خوان أورلاندو هيرنانديز رغم الحظر الدستوري. وقد زاد من تعقيد الوضع إدانة هيرنانديز لاحقًا في محكمة أمريكية بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات، مما أدى إلى تآكل الثقة بين المواطنين والدولة.
تفاقمت هذه المخاوف مؤخرًا مع فتح النيابة العامة تحقيقًا في محاولة مزعومة للتلاعب بنتائج الانتخابات. يتعلق التحقيق بمحادثة مسجلة بين مسؤول في المجلس الانتخابي ونائب برلماني وضابط في الجيش. وبينما يصر المتهمون على أن التسجيل مزيف، فإن مجرد وجود هذه الاتهامات يثير الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية.
علاوة على ذلك، أثارت مطالبة قيادة الجيش بالاطلاع على سجلات التصويت جدلاً دستوريًا، حيث اعتبرتها المعارضة محاولة للتدخل العسكري في الانتخابات. وقد حذرت منظمات دولية، مثل منظمة الدول الأمريكية والشفافية الدولية، بالإضافة إلى مسؤولين أمريكيين، من أي خطوات قد تهدد شفافية الانتخابات ومصداقيتها.
المرشحون الرئيسيون وبرامجهم الانتخابية
تعتبر ريكسي مونكادا، مرشحة حزب الحرية وإعادة التأسيس (ليبر)، من أبرز المرشحين. وهي تقدم نفسها كخيار يواصل نهج الرئيسة الحالية شيومارا كاسترو، مع التركيز على تعزيز دور الدولة، والحد من الخصخصة، ومكافحة الفساد، ودعم المشروعات الصغيرة. وتسعى مونكادا إلى تحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية تهدف إلى تحسين حياة المواطنين.
في المقابل، يركز سلفادور نصرالله، الإعلامي والمهندس، في حملته الرابعة على تبسيط الهيئات الحكومية، وتحفيز الاستثمار، والحد من كلفة الإنتاج. ويقدم نصرالله نفسه كخبير اقتصادي قادر على إحداث تغيير إيجابي في البلاد. ولد نصرالله لأبوين من أصول لبنانية، ويحظى بشعبية واسعة في أوساط الشباب.
أما نصري عصفورة، مرشح الحزب الوطني المحافظ، فيدعو إلى جذب الاستثمار، وتشجيع التصنيع، وتطوير البنية التحتية. وقد تلقى عصفورة دعمًا علنيًا من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي صرح بأنه “يستطيع العمل معه لمكافحة تهريب المخدرات”. ويركز برنامجه على تعزيز الأمن والاقتصاد.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية في هندوراس
تواجه هندوراس تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث يعيش 63% من السكان تحت خط الفقر، ويعمل حوالي 75% من القوة العاملة في القطاع غير الرسمي. وعلى الرغم من بعض التحسن في أرقام البطالة، لا تزال البلاد تعتمد بشكل كبير على تحويلات المهاجرين، التي من المتوقع أن تتجاوز 10 مليارات دولار هذا العام، وهو ما يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال العمل بحالة الاستثناء ساريًا منذ عام 2022 بحجة مكافحة الجريمة، وهو ما يثير انتقادات بشأن توسيع دور الجيش وتقييد مراقبة المؤسسات المدنية. وتعتبر هذه القضية من القضايا الرئيسية التي يركز عليها المرشحون في حملاتهم الانتخابية.
بغض النظر عن المرشح الذي سيفوز بأغلبية بسيطة يوم الأحد، فإنه سيحكم البلاد حتى عام 2030. ويخشى بعض المحللين السياسيين من احتمال فوز أكثر من مرشح، نظرًا للتقارب الشديد في نتائج السباق. ومن المتوقع أن تعلن النتائج الرسمية في الأيام القليلة المقبلة، وسيكون من المهم مراقبة ردود الفعل من مختلف الأطراف السياسية والمجتمع المدني.
الوضع في هندوراس لا يزال غير مؤكد، وسيكون من الضروري متابعة التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد في الفترة القادمة. هذه الانتخابات تمثل لحظة حاسمة في تاريخ هندوراس، وقد تحدد مستقبل البلاد لعقود قادمة. من المهم أن تجرى الانتخابات بنزاهة وشفافية لضمان قبول النتائج من قبل جميع الأطراف.

