يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تصاعداً في الانتقادات من داخل حركة “اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً” (ماجا)، وهي القاعدة السياسية التي ساهمت في وصوله إلى السلطة. وتشير التقارير إلى أن بعض القيادات والنخب المؤيدة لترمب تعبر عن قلقها المتزايد من عدم تحقيق الوعود الانتخابية التي بنيت عليها أجندة “ماجا” بشكل كامل، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسات الداخلية.

وقد بدأت هذه المخاوف تتجسد في انتقادات علنية وتساؤلات حول اتجاه الإدارة الحالية، حيث يرى البعض أن التركيز منصب بشكل كبير على قضايا السياسة الخارجية، بينما يتم إهمال المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المواطن الأمريكي. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين ترمب وقاعدته الشعبية، وتأثير ذلك على فرصته في الفوز بفترة ولاية ثانية.

تزايد القلق داخل حركة ماجا

خلال اجتماع في البيت الأبيض الشهر الماضي، حاول مارك ميتشل، خبير استطلاعات الرأي المحافظ ورئيس قسم الاستطلاع في مؤسسة “راسموسن ريبورتس”، أن يوضح للرئيس ترمب حجم الفجوة المتزايدة بين أولويات إدارته وتوقعات أنصار “ماجا”. وأشار ميتشل إلى أن الكثيرين من مؤيدي ترمب يشعرون بالإحباط بسبب عدم تحقيق شعار “تجفيف المستنقع” الذي وعد به الرئيس لمكافحة الفساد في واشنطن.

واستخدم ميتشل حادثة محاولة إطلاق النار على الرئيس أثناء تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا كمثال رمزي، قائلاً إن ترمب كان يظهر قوة وصلابة في تلك اللحظة، لكنه الآن يبدو منشغلاً بمعارك سياسية داخلية بدلاً من القتال من أجل مصالح الأمريكيين. واقترح ميتشل تبني خطة تركز على “الشعبوية الاقتصادية البراجماتية” لإعادة إحياء حماس القاعدة.

انتقادات حول الأولويات السياسية

لم تكن ملاحظات ميتشل حالة منعزلة، بل تعكس موجة من الانتقادات التي بدأت تظهر من مختلف أطراف قاعدة ترمب. ويشكو البعض من أن الإدارة تولي اهتماماً كبيراً بالسياسة الخارجية على حساب القضايا الداخلية، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وضرورة إصلاح النظام الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، أثار التقارب مع بعض الشخصيات البارزة في قطاع التكنولوجيا والاستثمار انتقادات من الذين يرون في ذلك تناقضاً مع وعود ترمب بتمثيل مصالح الطبقة العاملة.

وقد أثار أيضاً قرار الإدارة عدم نشر المزيد من الوثائق المتعلقة بقضية جيفري إبستين استياءً واسعاً في أوساط “ماجا”، حيث يعتبر البعض أن هذا التستر يعيق جهود تحقيق العدالة وكشف الحقائق. كما أثار غضب بعض أنصار ترمب هجمات الرئيس العلنية على شخصيات تعتبر من رموز التيار المحافظ.

المخاوف الانتخابية وتأثيرها على الحزب الجمهوري

في سياق الاستعدادات لانتخابات التجديد النصفي القادمة، يحذر مراقبون من أن تحالف ترمب السياسي قد بات أضعف من ذي قبل، مما يهدد آمال الحزب الجمهوري في استعادة السيطرة على الكونجرس. ويركز القلق بشكل خاص على احتمال عزوف قاعدة “ماجا” عن المشاركة في التصويت بسبب شعورها بالإحباط وخيبة الأمل.

إضافة إلى ذلك، يرى البعض أن القضايا الاقتصادية قد تلعب دوراً حاسماً في تحديد نتائج الانتخابات، مما قد يؤدي إلى خسارة ترمب لدعم الناخبين المستقلين، الذين يمثلون كتلة انتخابية هامة. وبينما يقلل مستشارو الرئيس من شأن هذه التحذيرات، معتبرين أنها مجرد ردود فعل طبيعية خلال أي ولاية رئاسية، تتزايد المخاوف بشأن تأثيرها على فرص الحزب الجمهوري في الفوز.

ردود فعل متباينة واستطلاعات رأي متباينة

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة نتائج مختلطة حول مدى تراجع دعم ترمب داخل الحزب الجمهوري. ففي حين لا يزال الرئيس يتمتع بشعبية كبيرة بين أنصاره، تشير بعض الاستطلاعات إلى انخفاض في نسبة التأييد مقارنة بالمستويات التي كانت عليها في السابق. وعلى المستوى العام، شهدت شعبية ترمب تراجعاً طفيفاً في أواخر نوفمبر الماضي، لكنها استعادت بعض الزخم لاحقاً.

وفي تطور لافت، أعلنت النائبة الجمهورية السابقة مارجوري تايلور جرين عن استقالتها من الكونجرس بعد خلافات مع الرئيس ترمب. وتعتبر جرين من أبرز الشخصيات المؤيدة لترمب في الماضي، وكانت تمثل صوتاً قوياً في الدفاع عن “ماجا”. وقالت جرين إنها تعكس “مؤشراً مبكراً” لمزاج القاعدة الشعبية، وأن الكثيرين من أنصار ترمب يشعرون بالإحباط بسبب عدم تحقيق الوعود الانتخابية.

تستمر التداعيات في التفاعل، حيث يتوقع أن يشهد الأشهر المقبلة نشاطاً مكثفاً من قبل فريق ترمب لتنظيم تجمعات شعبية بهدف الترويج لإنجازات الإدارة واستعادة ثقة القاعدة. لكن نجاح هذه الجهود يبقى أمراً غير مؤكد، ويتوقف على قدرة الرئيس على معالجة المخاوف المتزايدة، وتقديم رؤية واضحة للمستقبل تتوافق مع تطلعات أنصار “ماجا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version