أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إرسال مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع زيارة وزير الجيش دان دريسكول للأوكرانيين، وذلك بهدف بلورة اتفاق سلام نهائي للصراع الدائر في أوكرانيا. وجاء هذا الإعلان في وقت يواصل فيه القتال بوتيرة عالية، مما أثار تساؤلات حول جدوى هذه المبادرة ومآلاتها المحتملة. وتسعى هذه الجهود، وفقًا لترامب، إلى وضع “اللمسات الأخيرة” على خطة سلام مقترحة.

حدث هذا الإعلان في 21 مايو 2024، حيث نشر ترامب تفاصيل هذه التحركات الدبلوماسية على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال”. وأكد ترامب على تحقيق “تقدم هائل” في المفاوضات، مشيرًا إلى أن الحرب “ما كانت لتبدأ أبدًا” لو كان لا يزال في منصبه. ويأتي هذا في ظل استمرار المعارك الشديدة بين القوات الروسية والأوكرانية.

خطة السلام المقترحة وتطوراتها

وفقًا لترامب، فإن خطة السلام تتكون في الأصل من 28 نقطة، وقد صاغتها الولايات المتحدة. وقد تم تعديل هذه الخطة وإضافة مقترحات من كلا الطرفين بهدف الوصول إلى توافق أوسع. لم يكشف ترامب عن تفاصيل هذه النقاط، لكنه ذكر أن “عددًا قليلًا من نقاط الخلاف المتبقية” لا تزال قائمة.

مفاوضات سابقة وجهود الوساطة

هذه ليست المرة الأولى التي تشير فيها أنباء عن جهود وساطة أمريكية. فقد سبق لعدد من المسؤولين الأمريكيين إجراء محادثات غير رسمية مع كل من الجانب الروسي والأوكراني، لكن لم تثمر هذه الجهود عن أي انفراجة حقيقية حتى الآن.

ويأتي هذا التحرك في ظل انتقادات متزايدة لإدارة بايدن الحالية بشأن طريقة تعاملها مع الأزمة الأوكرانية، حيث يرى البعض أن الدعم العسكري المستمر لأوكرانيا يؤجج الصراع بدلاً من إنهائه. بينما يرى آخرون أن الانسحاب أو التخفيف من الدعم سيشجع روسيا على مواصلة عدوانها.

الأرقام التي أشار إليها ترامب حول خسائر الأرواح، والتي تقدر بـ 25 ألف جندي في الشهر الماضي، لم يتم التحقق منها بشكل مستقل من مصادر خارجية. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تعكس بشكل أو بآخر حجم الخسائر البشرية الهائل الذي يتكبده الطرفان في هذا الصراع.

أهداف الزيارات وتوقعات النتائج

تهدف زيارة ستيف ويتكوف لموسكو إلى مناقشة التفاصيل النهائية لخطة السلام مع الرئيس بوتين. ويريد ترامب التأكد من أن بوتين مستعد لتقديم تنازلات ضرورية من أجل تحقيق تسوية سياسية.

بالموازاة مع ذلك، تسعى زيارة وزير الجيش دان دريسكول إلى طمأنة المسؤولين الأوكرانيين بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بدعمهم، وإقناعهم بضرورة الانخراط بجدية في المفاوضات.

أكد ترامب أن لقاء قمة بينه وبين الرئيسين زيلينسكي وبوتين لن يتم إلا عندما تكون الصفقة “نهائية أو في مراحلها النهائية”. وهذا يشير إلى أن ترامب يريد أن يكون لديه ضمانات قوية بشأن تنفيذ الاتفاق قبل أن يشارك شخصيًا في أي لقاءات رفيعة المستوى. تعتبر هذه الشروط دليلاً على رغبته في إظهار دور فعال في تحقيق السلام.

تأتي هذه المبادرة في ظلّ استمرار الحديث عن تصاعد الموقف وتوسّع نطاق الصراع المحتمل، خاصةً مع تزايد الأنشطة العسكرية في منطقة بحر أسود. إضافةً إلى ذلك، هناك مخاوف متزايدة بشأن التأثيرات الاقتصادية والإنسانية للحرب على المنطقة والعالم.

من جهة أخرى، من المهم ملاحظة أن هناك شكوكًا حول مدى جدية هذه المبادرة، خاصةً بالنظر إلى أن ترامب ليس حاليًا في منصبه، وأن أي اتفاق سلام يتطلب موافقة ورعاية كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المعنية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف أوكرانيا من أي تنازلات إقليمية لا يزال ثابتًا.

تداعيات محتملة وتحديات أمام السلام

إذا تمكن ستيف ويتكوف ودان دريسكول من تحقيق تقدم حقيقي في المفاوضات، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف حدة الصراع وفتح الباب أمام تسوية سياسية طويلة الأمد. إلا أن هذا يتطلب استعدادًا حقيقيًا من كلا الطرفين لتقديم تنازلات متبادلة. هذا بالإضافة إلى الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجه كل من القيادتين الروسية والأوكرانية.

يمكن أن يؤدي نجاح هذه الجهود إلى استقرار الأوضاع في أوروبا الشرقية وتقليل التوترات بين روسيا والغرب. كما يمكن أن يساعد في معالجة التداعيات الإنسانية والاقتصادية للحرب. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي قد تعرقل عملية السلام، بما في ذلك مسألة شبه جزيرة القرم، ومستقبل المناطق المتنازع عليها في شرق أوكرانيا، وضمانات الأمن لأوكرانيا.

قضية السلام في أوكرانيا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتوترات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا بين القوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين. وقد تؤثر أي تسوية سياسية على ميزان القوى في المنطقة والعالم. الوضع الراهن يتطلب حواراً مستمراً ومفاوضات جادة لإيجاد حلول مستدامة.

الخطوة التالية المتوقعة هي تقرير مقتضب من ويتكوف ودريسكون حول نتائج لقاءاتهما. من غير الواضح ما إذا كانت هذه اللقاءات ستؤدي إلى أي اختراقات كبيرة، أو ما إذا كانت ستعزز فقط الأوجه المتطابقة التي كانت موجودة بالفعل في المفاوضات السابقة. لا يزال من الضروري مراقبة تطورات الوضع على الأرض، وردود أفعال الأطراف المعنية، وأي تصريحات إضافية من المسؤولين الأمريكيين والروس والأوكرانيين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version