أعرب الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج عن قلقه البالغ إزاء التوتر المتزايد على شبه الجزيرة الكورية، محذراً من أن الوضع أصبح “خطراً للغاية” مع احتمال وقوع اشتباك عسكري في أي لحظة. يأتي هذا التحذير في ظل رفض كوريا الشمالية الاستجابة لمساعي سول لفتح قنوات الحوار، وتصاعد الإجراءات الاستفزازية من جانب بيونج يانج، مما يثير مخاوف دولية بشأن استقرار المنطقة. الوضع الكوري يتطلب حلاً دبلوماسياً عاجلاً.
صرح الرئيس لي خلال عودته من قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا بأن كوريا الشمالية تقوم بتركيب أسلاك شائكة على طول الحدود العسكرية، وهي خطوة لم تشهدها المنطقة منذ نهاية الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي. وأكد على أهمية استئناف الحوار مع الشمال لتخفيف التوترات ومنع أي تصعيد غير مقصود. وتأتي هذه التصريحات بعد اقتراح سول إجراء محادثات عسكرية في 17 نوفمبر بهدف تحديد حدود واضحة على طول خط ترسيم الحدود العسكرية.
تصاعد التوترات على الحدود الكورية
تشهد المنطقة العازلة بين الكوريتين، بعرض 4 كيلومترات، زيادة في التوترات. سجلت القوات الكورية الجنوبية أكثر من عشر حالات توغل عبر الحدود من قبل جنود كوريين شماليين هذا العام، مما استدعى إطلاق طلقات تحذيرية وفقاً للبروتوكولات العسكرية المعمول بها. وتشكل صعوبة تحديد خط الفصل العسكري تحدياً إضافياً في إدارة الوضع الحساس.
إجراءات استفزازية من كوريا الشمالية
بالإضافة إلى تركيب الأسلاك الشائكة، ترفض كوريا الشمالية الرد على محاولات سول للتواصل. ويعكس هذا الرفض، بحسب الرئيس لي، “سلوكاً متطرفاً للغاية” ناتجاً عن غياب الثقة المتبادلة بين البلدين. وتعتبر بيونج يانج المناورات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة استفزازاً مباشراً، وتدينها بشكل منتظم.
في المقابل، أكد الرئيس لي من جانبه أنه في حال تأسيس “نظام سلام راسخ” مع كوريا الشمالية، سيكون “من الأفضل” وقف المناورات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة. ويشير هذا إلى استعداد سول لتقديم تنازلات في سبيل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. العلاقات بين الكوريتين وصلت إلى نقطة حرجة.
الوجود العسكري الأمريكي والضغوط الاقتصادية
يتمركز حوالي 28,500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى معدات وأنظمة عسكرية متطورة. وقام وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيت بزيارة المنطقة منزوعة السلاح مؤخراً، في إطار جولة آسيوية تهدف إلى تعزيز الروابط الأمنية الإقليمية والتأكيد على التزام واشنطن تجاه سول.
في مطلع نوفمبر، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ثمانية أفراد وكيانين، متهمة إياهم بغسل الأموال الناتجة عن أنشطة الاحتيال الإلكتروني والعمالة لصالح كوريا الشمالية. تهدف هذه العقوبات، وفقاً للوزارة، إلى منع تمويل برامج الأسلحة الكورية الشمالية. العقوبات الاقتصادية تزيد من تعقيد الوضع.
أدانت كوريا الشمالية العقوبات الأمريكية، واعتبرتها دليلاً على “العداء الأمريكي”، وحذرت من أنها لن تساعد في استئناف الحوار بين البلدين. وتصر بيونج يانج على أن العقوبات هي السبب الرئيسي في استمرار التوترات وعدم إمكانية تحقيق تقدم في المفاوضات.
مستقبل المفاوضات والوضع الكوري
من المتوقع أن يزور الرئيس لي تركيا في المحطة الأخيرة من رحلته قبل العودة إلى سول. وستركز المناقشات خلال الزيارة على سبل تعزيز التعاون الدولي للضغط على كوريا الشمالية للعودة إلى طاولة المفاوضات.
يبقى مستقبل المفاوضات بين الكوريتين غير واضح. يعتمد تحقيق الاستقرار على قدرة الطرفين على بناء الثقة المتبادلة والتغلب على العقبات التي تعيق الحوار. سيكون من الضروري مراقبة رد فعل كوريا الشمالية على اقتراح سول للمحادثات العسكرية، وكذلك تطورات الوضع على الحدود في الأسابيع القادمة. الوضع يتطلب متابعة دقيقة وتقييماً مستمراً.

