أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها المقرر في مايو المقبل، في ظل تحديات سياسية واقتصادية وأمنية متزايدة. وأضاف سلام، في مقابلة مطولة، أن الحكومة تعمل على تعزيز الاستقرار من خلال حصر السلاح بيد الدولة، وهو شرط أساسي لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، وضروري لتحقيق إصلاحات اقتصادية حيوية تهدف إلى انتشال لبنان من أزمته المالية الحادة. ويأتي هذا التأكيد في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة، وتحديداً على الحدود الجنوبية للبنان.

وتناول سلام خلال المقابلة، التي أجرتها معه مذيعة “الشرق” نور عماشة في بيروت، قضايا رئيسية تشمل الأوضاع على الحدود مع إسرائيل، والمساعي الدبلوماسية الجارية، بالإضافة إلى ملفات الإصلاح الاقتصادي والمصرفي، وعلاقات لبنان الخارجية، وخاصة مع الدول العربية.

الانتخابات النيابية القادمة والوضع السياسي

شدد رئيس الحكومة على التزام الحكومة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، مؤكداً أن أي تأجيل سيضر بالاستقرار السياسي ويؤدي إلى تفاقم الأزمة. ومع ذلك، أشار إلى أن العملية الانتخابية تواجه بعض العقبات، بما في ذلك الجدل حول آليات تمثيل اللبنانيين المقيمين في الخارج، وقرار المجلس النيابي هو الفيصل في هذا الشأن.

الاستعدادات اللوجستية والمالية للانتخابات

أفاد سلام بأن الحكومة قد اتخذت خطوات لتأمين التمويل اللازم للانتخابات، وأنها تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان سير العملية الانتخابية بشكل سلس وشفاف. وأوضح أن تأمين صحة وشفافية العملية الانتخابية هو أولوية قصوى، لضمان تمثيل الشعب اللبناني بشكل عادل.

الوضع الأمني وتصاعد التوتر مع إسرائيل

عبر رئيس الحكومة عن قلقه إزاء التصعيد الأخير في التوترات على الحدود الجنوبية، مشدداً على أن لبنان حريص على الحفاظ على الاستقرار ومنع أي انزلاق نحو صراع أوسع. وأكد أن لبنان يلتزم بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويطالب إسرائيل بوقف خروقاتها السيادية وانتهاكاتها المستمرة لوقف إطلاق النار.

الإصلاحات الاقتصادية والتعاون الدولي

تعتبر الإصلاحات الاقتصادية حجر الزاوية في جهود الحكومة لإنقاذ لبنان من الانهيار المالي. وأشار سلام إلى أن الحكومة قد أحرزت بعض التقدم في هذا المجال، من خلال إقرار قوانين مهمة مثل رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف الحكومية. ومع ذلك، يرى أن هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات الجذرية، بما في ذلك معالجة مشكلة الفجوة المالية وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي. إتمام هذه الإصلاحات الاقتصادية ضروري لجذب الاستثمارات

وأضاف أن الحكومة تواصل مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق حول برنامج إصلاح اقتصادي شامل. ويشمل هذا البرنامج إجراءات تهدف إلى ترشيد الإنفاق العام، وزيادة الإيرادات، وتحسين إدارة الدين العام، ومكافحة الفساد.

مؤتمر “بيروت 1” واستعادة الثقة بالمستثمرين

اشار سلام إلى أن مؤتمر “بيروت 1” كان فرصة مهمة لإعادة تسليط الضوء على إمكانات لبنان وجذب المستثمرين. وأعرب عن رضاه عن مستوى المشاركة في المؤتمر، وخاصة من قبل الدول العربية، لافتاً إلى أن عودة الوفود الخليجية إلى لبنان تمثل إشارة إيجابية على استعادة الثقة.

المفاوضات مع إسرائيل وتحديد الحدود البحرية

أكد رئيس الحكومة أن لبنان مستعد للتفاوض مع إسرائيل لتحديد الحدود البحرية، بهدف استغلال الموارد الطبيعية المشتركة. واشار إلى ان استئناف هذه المفاوضات يمكن أن يساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون الاقتصادي. وشدد على ضرورة أن تتم هذه المفاوضات على أساس من الاحترام المتبادل والالتزام بالقانون الدولي.

تحديات حصر السلاح والمصالح الوطنية

الوضع الأمني في لبنان يظل معقداً، حيث تتواجد أطراف مسلحة خارج نطاق الدولة. وأكد سلام على أن حصر السلاح بيد الدولة هو هدف استراتيجي ضروري لتعزيز الاستقرار ومنع أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية. يتعين على الدولة أن تفرض سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية وأن تضمن تطبيق القانون على جميع المواطنين.

وفي الختام، أكد رئيس الحكومة نواف سلام على أن لبنان يواجه تحديات جمة، لكنه يعتمد على عزيمة شعبه ووحدته، وعلى دعم أصدقائه، لتحقيق الاستقرار والازدهار. ومن المتوقع أن تستمر الحكومة في جهودها لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتحسين العلاقات مع الدول العربية، والعمل على تخفيف التوترات على الحدود الجنوبية. وسيبقى الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان تحت المراقبة الدقيقة في الأشهر المقبلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version