يشهد وادي حضرموت في اليمن تصعيدًا خطيرًا في التوترات الأمنية والسياسية، حيث اندلعت مواجهات مسلحة في سيؤون ومدن أخرى، وامتدت إلى محافظة المهرة. وتأتي هذه الأحداث في أعقاب تحركات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي نحو حقول نفط المسيلة، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل المنطقة واستقرارها، ويهدد بتقويض جهود السلام القائمة في اليمن.
بدأت الأزمة بدفع المجلس الانتقالي الجنوبي لقواته من عدن إلى حضرموت، بذريعة دعم “القوات الأمنية”. ومع ذلك، سرعان ما اتضح أن الهدف يتجاوز ذلك ليشمل السيطرة على حقول النفط وإنهاء وجود قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. وقد أدت هذه التحركات إلى اشتباكات مع قبائل حضرموت المحلية التي سعت لحماية حقول النفط، ثم إلى سيطرة المجلس الانتقالي على سيؤون ومناطق أخرى.
تداعيات الصراع في حضرموت
أدت المواجهات إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية، حيث خرجت شبكة الكهرباء عن الخدمة في معظم مناطق الوادي، مما أثر على الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الجنود، ونهب للأسلحة والممتلكات، وتدهور الأمني العام مع عمليات اعتداء وسرقة.
الوضع الإنساني المتدهور
يثير تصاعد العنف مخاوف جدية بشأن الوضع الإنساني في حضرموت. يخشى السكان من اندلاع صراع أوسع نطاقًا قد يؤدي إلى نزوح جماعي وانقطاع الطرق وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية. كما أن مطار سيؤون، وهو شريان حيوي للمحافظة، أصبح نقطة توتر بسبب السيطرة عليه من قبل المجلس الانتقالي.
التصعيد إلى المهرة
تجاوزت الأحداث حدود حضرموت، حيث تقدمت قوات المجلس الانتقالي إلى محافظة المهرة المجاورة، وقامت بإنزال الأعلام اليمنية ورفع الأعلام الجنوبية على المعابر الحدودية مع سلطنة عمان. هذا التصعيد يمثل تحديًا إضافيًا للحكومة اليمنية ويُثير قلقًا إقليميًا.
المبادرة السعودية وجهود التهدئة
استجابة للأزمة، أرسلت المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف الداعم للحكومة اليمنية، وفدًا أمنيًا رفيع المستوى بقيادة اللواء محمد بن عبيد القحطاني إلى المكلا. وقد أكد الوفد على رفض السعودية لأي عمليات عسكرية من خارج المحافظة، ودعا إلى عودة القوات إلى معسكراتها وتسليم المواقع لقوات “درع الوطن”.
وشدد الوفد السعودي على أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، واستعادة الأمن والاستقرار، وضمان استمرار الخدمات للمواطنين. ومع ذلك، وعلى الرغم من انسحاب قبائل حضرموت من محيط حقول النفط، واصلت قوات المجلس الانتقالي تقدمها، مما يشير إلى تعقيد الوضع وصعوبة تحقيق التهدئة.
التوتر السياسي وتداعياته
أدت التطورات الأخيرة إلى توتر سياسي حاد، حيث اضطر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى مغادرة عدن بعد تعرض مكتبه للمضايقات والتخريب. وتأتي هذه الخطوة قبل توجهه إلى الرياض لبحث الأزمة مع المسؤولين السعوديين. هذا يشير إلى تدهور الثقة بين الأطراف اليمنية المتنازعة.
تعتبر قضية حضرموت ذات أهمية استراتيجية كبيرة نظرًا لاحتياطياتها النفطية وموقعها الجغرافي. كما أن السيطرة على المنطقة تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف المجلس الانتقالي الجنوبي المتعلقة بتقسيم اليمن. الوضع الحالي يمثل اختبارًا حقيقيًا لجهود السلام الإقليمية والدولية.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية السعودية لإعادة الاستقرار إلى حضرموت والمهرة. ومع ذلك، يبقى الوضع هشًا للغاية، ويتوقف على مدى استعداد الأطراف المتنازعة للالتزام بالتهدئة والتفاوض. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصة فيما يتعلق بمستقبل حقول النفط، ومصير الجنود المفقودين، وتأثير الأزمة على الوضع الإنساني في المنطقة. كما أن رد فعل الحكومة اليمنية والمعارضة على هذه التطورات سيكون حاسمًا في تحديد مسار الأزمة.

