أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، الأربعاء، أن موسكو لن تقدم أي تنازلات جوهرية في المفاوضات المتعلقة بتسوية الأزمة الأوكرانية، وذلك في الوقت الذي صرح فيه المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنه من المبكر جدًا الحديث عن التوصل إلى اتفاق سلام شامل في المستقبل القريب. وتأتي هذه التصريحات وسط جهود دولية متواصلة لإيجاد حل للصراع المستمر، مع التركيز على خطة السلام المقترحة من قبل الولايات المتحدة.

وأضاف ريابكوف، في مؤتمر صحفي، أن روسيا ليست مستعدة لمناقشة التفاصيل العلنية المختلفة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتسوية السلمية في أوكرانيا. وأشار إلى أن مثل هذه المناقشات تتطلب “وقتًا واهتمامًا” لضمان استمرار عملية الحوار بشكل بناء. وشدد على أن أي محاولات للضغط على روسيا أو فرض شروط مسبقة لن تؤدي إلى نتائج إيجابية.

موقف روسيا الثابت بشأن تسوية أوكرانيا

ويؤكد تصريح ريابكوف على الموقف الروسي الثابت بأن أي تسوية دائمة في أوكرانيا يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالحها الأمنية الأساسية. وقد اتهم ريابكوف الغرب بشن “حرب هجينة وشاملة” ضد روسيا، مؤكداً أن العقوبات الغربية المستمرة والتهديدات العسكرية تزيد من تعقيد الوضع. ويعتبر هذا الاتهام جزءًا من خطاب روسي أوسع يتهم الدول الغربية بالسعي إلى إضعاف روسيا وتقويض دورها في المنطقة.

بالتزامن مع ذلك، أكد ريابكوف أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة لا تزال في مراحلها الأولى من التحسن، رغم استمرار العمل على تطبيع العلاقات الدبلوماسية. ومع ذلك، أشار إلى عدم وجود تقدم كبير في استئناف الرحلات الجوية أو التعاون في مجالات أخرى. وتعتبر هذه النقطة مهمة في سياق الجهود الدبلوماسية المتواصلة لتهدئة التوترات بين القوتين النوويتين.

وانتقد ريابكوف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركتي النفط الروسيتين “روسنفت” و”لوك أويل”، واصفًا إياها بأنها “خطوات سلبية” تهدف إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه العقوبات تهدف إلى تقليل قدرة روسيا على تمويل الحرب في أوكرانيا وتقويض قدرتها على الاستمرار في سياساتها الخارجية الحالية.

محادثات أبوظبي وتبادل الأسرى

في سياق منفصل، صرح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن خطة السلام الأميركية لأوكرانيا تخضع حاليًا “لتحليل دقيق” من قبل موسكو، ولم يتم طرحها للنقاش خلال الاجتماعات التي جرت في أبوظبي هذا الأسبوع. وأوضح أن الاجتماعات التي عقدها ممثلو الاستخبارات الروسية والأوكرانية في العاصمة الإماراتية ركزت بشكل أساسي على قضايا “شديدة الحساسية”، وعلى رأسها قضية تبادل الأسرى.

وأشار أوشاكوف إلى أن لقاءً غير متوقع جمع مسؤولين روسًا بوزير الجيش الأمريكي دان دريسكول على هامش الاجتماعات في أبوظبي، لكن لم يتم مناقشة مسودة خطة السلام الأميركية خلال هذا اللقاء. يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد دعت إلى محادثات بين روسيا وأوكرانيا بهدف دفع عملية السلام، وتشجيع الطرفين على تبني حلول وسط.

معاهدة نيو ستارت والحد من التسلح

وتطرق ريابكوف إلى موضوع معاهدة الأسلحة النووية “نيو ستارت”، مقترحًا أن تتيح مقترحات روسيا كسب الوقت لتقييم الوضع واتخاذ قرار بشأن الحوار الاستراتيجي. وحذر من “خطر اندلاع سباق تسلح” جديد، معربًا عن أمله في تجنب سيناريوهات سلبية قد تهدد الأمن العالمي. جدير بالذكر أن روسيا كانت قد علقت مشاركتها في هذه المعاهدة، مما أثار قلقًا دوليًا واسعًا.

وكان الرئيس الروسي قد عرض في وقت سابق الالتزام طوعًا بالقيود المفروضة على حجم الترسانات النووية الأكبر في العالم، بموجب معاهدة “نيو ستارت” لعام 2010، والتي من المقرر أن تنتهي في فبراير 2026، بشرط أن تلتزم الولايات المتحدة بنفس الالتزام. ويهدف هذا الاقتراح إلى تخفيف التوترات في مجال الأسلحة النووية وتشجيع الحوار بين القوتين النوويتين.

في الختام، يظل مستقبل المفاوضات بشأن أوكرانيا غير واضحًا. من المتوقع أن يستمر التحليل الروسي لخطة السلام الأمريكية، مع بقاء التنازلات الجوهرية بعيدة المنال في الوقت الحالي. من المهم مراقبة رد فعل الولايات المتحدة وحلفائها على الموقف الروسي، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في محادثات تبادل الأسرى ومفاوضات الحد من التسلح. وتعتبر التطورات في الأشهر المقبلة حاسمة لتحديد مسار الأزمة وتأثيرها على الأمن الإقليمي والعالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version