استقبل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون وحدة عسكرية عادت من روسيا بعد مشاركتها في العمليات القتالية والهندسية في منطقة كورسك. وتأتي هذه الخطوة في ظل تزايد التعاون العسكري بين بيونج يانج وموسكو، وتحديداً في سياق الحرب الدائرة في أوكرانيا. وقد أشرف كيم على مراسم تكريم الوحدة العائدة، مؤكداً على دورها في دعم روسيا، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات حول مدى تورط كوريا الشمالية في الصراع.
أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) أن الوحدة، المعروفة باسم “الفوج 528” من سلاح المهندسين، قضت حوالي أربعة أشهر في روسيا. ووفقاً للوكالة، أشاد كيم بسلوك جنود الوحدة “البطولي” و”شجاعتهم الجماعية” في تنفيذ الأوامر الصادرة عن حزب العمال الحاكم. هذا التكريم العلني يؤكد على أهمية هذه المهمة بالنسبة لكوريا الشمالية.
مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية
بدأت مشاركة كوريا الشمالية العسكرية في روسيا في أوائل أغسطس، وفقاً للتقارير. وتشير المعلومات إلى أن الوحدة الكورية الشمالية لعبت دوراً في صدّ هجوم أوكراني كبير في منطقة كورسك، غرب روسيا. وبعد ذلك، انتقلت الوحدة إلى مهام تطهير المنطقة من الألغام، كما ذكرت وزارة الدفاع الروسية الشهر الماضي.
تأتي هذه المساعدة في إطار اتفاقية دفاع مشترك بين كوريا الشمالية وروسيا. وتقدر الأرقام التي أرسلتها كوريا الشمالية إلى روسيا بحوالي 14 ألف جندي. هذه الأرقام تعكس مستوى غير مسبوق من التعاون العسكري بين البلدين.
خسائر بشرية وتكريم رسمي
أقر كيم جونج أون بمقتل تسعة جنود كوريين شماليين خلال المهمة، واصفاً وفاتهم بأنها “خسارة مفجعة”. وقد منح الفوج “وسام الحرية والاستقلال”، وهو أعلى تكريم عسكري في كوريا الشمالية. كما تم منح الجنود القتلى لقب “بطل جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية” بالإضافة إلى أوسمة رسمية أخرى.
أقيم حفل استقبال للوحدة العائدة في بيونج يانج بحضور كبار المسؤولين العسكريين وقادة الحزب الحاكم، بالإضافة إلى عائلات الجنود وحشود من المواطنين. يعكس هذا الحفل الرسمي الأهمية التي توليها كوريا الشمالية لهذه المشاركة العسكرية.
في سبتمبر الماضي، أكد كيم جونج أون على استمرار “الدعم الكامل” لكوريا الشمالية لروسيا وجيشها، واصفاً ذلك بأنه “واجب أخوي”. جاء هذا التصريح عقب اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش احتفالات ذكرى استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية في بكين.
خلال الاجتماع، تبادل الزعيمان الآراء حول القضايا الدولية والإقليمية. وأشاد بوتين بشدة بالجنود الكوريين الشماليين المشاركين في القتال ضد أوكرانيا، واصفاً العلاقات بين البلدين بأنها “روابط خاصة تقوم على الثقة والصداقة والتحالف”. هذا التأكيد على العلاقات الوثيقة يوضح السياق الاستراتيجي لهذه المشاركة العسكرية.
بالإضافة إلى إرسال الجنود، قدمت كوريا الشمالية أيضاً ذخائر مدفعية وصواريخ إلى روسيا لدعم جهودها الحربية. وتشير التقارير إلى أن هذه المساعدات العسكرية ساهمت في تعزيز القدرات القتالية للجيش الروسي. هذه المساعدات تثير قلقاً دولياً بشأن انتهاك كوريا الشمالية لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأسلحة.
تعتبر هذه المشاركة العسكرية الكورية الشمالية في أوكرانيا تطوراً هاماً في المشهد الجيوسياسي. وتأتي في وقت تسعى فيه روسيا إلى تعزيز تحالفاتها الدولية في مواجهة العقوبات الغربية. كما أنها تعكس رغبة كوريا الشمالية في تعزيز علاقاتها مع روسيا، التي تعتبر شريكاً استراتيجياً مهماً لها.
من المتوقع أن تستمر كوريا الشمالية في تقديم الدعم لروسيا، سواء من خلال إرسال الجنود أو توفير الأسلحة والذخائر. ومع ذلك، فإن مدى هذا الدعم يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك تطورات الوضع على الأرض في أوكرانيا، والضغوط الدولية على كوريا الشمالية، والاعتبارات الداخلية في كلا البلدين. يجب مراقبة ردود فعل المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها، على هذه التطورات، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسات الروسية أو الكورية الشمالية.

