أعلنت شركة ميرسك للشحن، إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، أن إحدى سفنها أكملت رحلة عبر البحر الأحمر و مضيق باب المندب بنجاح، وهو أول عبور من هذا النوع منذ ما يقرب من عامين. يأتي هذا التطور بعد فترة طويلة من التحويلات التي قامت بها الشركة لمسارات سفنها بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة في المنطقة. ومع ذلك، أكدت ميرسك أنها لا تخطط حاليًا لاستئناف جميع رحلاتها عبر هذا الممر المائي الحيوي.

في يناير 2024، اتخذت ميرسك قرارًا بتحويل مسار سفنها بعيدًا عن خليج عدن والبحر الأحمر، واختيار طريق أطول حول رأس الرجاء الصالح. جاء هذا القرار استجابةً للهجمات المتكررة على السفن التجارية في المنطقة، والتي أعلنت جماعة الحوثي اليمنية مسؤوليتها عنها، معلنةً أن هذه الهجمات تهدف إلى ممارسة الضغط في ظل الأوضاع في قطاع غزة. أثر هذا التحويل بشكل كبير على سلاسل الإمداد العالمية وأضاف تكاليف إضافية للشحن.

عودة ميرسك إلى البحر الأحمر: تقييم المخاطر والمضي قدمًا بحذر

السفينة “ميرسك سيباروك” (Maersk Sebarok)، وهي سفينة حاويات بنيت عام 2007 وتعمل حاليًا ضمن خدمة “ميرسك MECL”، أكملت رحلتها عبر مضيق باب المندب وصولاً إلى البحر الأحمر في 19 ديسمبر. وأوضحت ميرسك أنها نفذت العبور “بتطبيق أعلى معايير السلامة الممكنة” على متن السفينة التي تبلغ حمولتها 6500 حاوية نمطية.

يأتي هذا العبور التجريبي في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الدولية لتأمين الممر المائي. وقد أعلنت عدة دول عن زيادة تواجدها العسكري في المنطقة للردع ضد الهجمات، بما في ذلك عمليات بحرية مشتركة لضمان حرية الملاحة. تعد هذه العمليات جزءًا من محاولة أوسع نطاقًا لتهدئة التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر.

على الرغم من هذا الإنجاز، شددت ميرسك على أن هذا العبور لا يشير إلى تغيير شامل في استراتيجيتها. وأضافت الشركة أنها تدرس اتباع “نهج تدريجي” في استئناف العبور عبر الممر، لكنها لم تحدد بعد أي جداول زمنية أو خطط محددة لزيادة عدد السفن التي تعبر المنطقة. ويرجع ذلك إلى استمرار تقييم المخاطر والاعتبارات الأمنية.

تأثير التحويلات على التجارة العالمية

لقد أدت التحويلات التي قامت بها ميرسك وشركات الشحن الأخرى إلى تأخيرات وزيادات في تكاليف الشحن، مما أثر على مجموعة واسعة من الصناعات. إن طريق رأس الرجاء الصالح أطول بكثير، ويضيف آلاف الأميال البحرية إلى الرحلات، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود وتكاليف التشغيل. كما أن هذا المسار يواجه تحديات إضافية تتعلق بالطقس.

وتشير التقارير إلى أن الشركات تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار التأمين على السفن التي تعبر البحر الأحمر. وقد أدى ذلك إلى تفاقم التكاليف وزيادة الضغط على هوامش الربح. بالإضافة إلى ذلك، توجد مخاوف بشأن قدرة الموانئ الأوروبية على استيعاب العدد المتزايد من السفن التي تسلك طريق رأس الرجاء الصالح.

الوضع الأمني المستمر ومخاطر الشحن

لا تزال المخاطر الأمنية في البحر الأحمر قائمة، على الرغم من الجهود المبذولة لتأمين الممر. وتواصل جماعة الحوثي تهديداتها بشن هجمات على السفن التجارية، مما يثير قلق شركات الشحن والطواقم البحرية. يتطلب هذا الوضع مراقبة مستمرة وتقييمًا دقيقًا للمخاطر.

ويؤكد خبراء الشحن البحري أن اتخاذ قرارات بشأن مسارات الشحن يعتمد على مدى استعداد شركات الشحن لتحمل المخاطر. وأن بعض الشركات قد تكون أكثر استعدادًا للمخاطرة من غيرها، بناءً على تقييمها الخاص ​​للوضع الأمني. ويلعب التأمين دوراً حاسماً في هذا السياق.

في الوقت الحالي، من غير الواضح متى ستشعر ميرسك وشركات الشحن الأخرى بالثقة الكافية لاستئناف عملياتها بشكل كامل في البحر الأحمر. يعتمد ذلك على تطورات الوضع الأمني ​​والتقدم المحرز في الجهود الدولية لتأمين الممر. ستستمر الشركات في مراقبة الوضع عن كثب وتقييم المخاطر قبل اتخاذ أي قرارات بشأن مسارات سفنها. من المتوقع أن تقدم ميرسك تحديثًا بشأن خططها في الأشهر المقبلة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات على الأرض وتقييمات المخاطر المستمرة.

من المهم متابعة تطورات الوضع في البحر الأحمر، خاصة فيما يتعلق بالهجمات المحتملة على السفن التجارية، والجهود المبذولة لتأمين الممر، وتأثير هذه الأحداث على تجارة الشحن العالمية. أي تصعيد في التوترات قد يؤدي إلى مزيد من التحويلات وزيادات في التكاليف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version