أمر الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو بتعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، احتجاجاً على الضربات العسكرية التي تنفذها القوات الأميركية في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، ضد ما يصفها بـ”قوارب المخدرات”. جاء هذا القرار في أعقاب تصاعد التوترات بين البلدين بشأن سياسات مكافحة المخدرات.
ونشر بيترو على حسابه بمنصة “إكس” أن جميع مستويات أجهزة الاستخبارات التابعة للقوى الأمنية مُدَرَّجة لتعليق إرسال الاتصالات والتعاملات الأخرى مع أجهزة الأمن الأميركية، حتى توقف الولايات المتحدة هجماتها على القوارب في منطقة البحر الكاريبي.
أهمية كولومبيا استخباراتياً لواشنطن
قالت إليزابيث ديكنسون، كبيرة محللي شؤون كولومبيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن كولومبيا قدمت نحو 80% من المعلومات الاستخباراتية العملية التي استخدمتها الولايات المتحدة لضبط المخدرات في منطقة البحر الكاريبي. وأضافت أنه إذا توقف تبادل المعلومات الاستخباراتية تماماً، سيفقد الولايات المتحدة قدراً من وضوحها بشأن التهديدات الأمنية، ما سيكون خسارة استراتيجية كبيرة لواشنطن.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات بين بيترو ووزير الخارجية الأميركي بشأن الإجراءات الأميركية في المنطقة. وقد اختلف بيترو وترمب علناً بشأن الهجرة وسياسة مكافحة المخدرات غير المشروعة، وهو ما أدى إلى زعزعة علاقات طيدة على مدى عقود بين البلدين اللذين يعدان شريكين أمنيين.
خلفية العلاقات الكولومبية الأميركية
قدمت الولايات المتحدة لبوجوتا تمويلاً بقيمة 14 مليار دولار تقريباً منذ عام 2000، بما في ذلك حزمة المساعدات العسكرية “خطة كولومبيا”، التي عززت القوات المسلحة للبلاد في حربها ضد العصابات اليسارية ومهربي المخدرات. ومع ذلك، فرضت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات على بيترو وأفراد عائلته، مدعية أن “بيترو سمح لعصابات المخدرات بالازدهار”.
وفي سبتمبر الماضي، سحبت واشنطن اعتماد بوجوتا كحليف في مكافحة تهريب المخدرات، وحملت بيترو مسؤولية زيادة إنتاج الكوكايين، الذي يعد أكبر منتج له في العالم. وألغيت تأشيرة بيترو الأميركية بعد أن دعا القوات الأميركية إلى “عصيان أوامر ترمب” خلال مسيرة مؤيدة لفلسطين في نيويورك.
التداعيات المستقبلية لقرار بيترو
يبدو أن التوترات بين كولومبيا والولايات المتحدة ستستمر في التصاعد، خاصة مع استمرار الخلافات بشأن سياسات مكافحة المخدرات. ومن المتوقع أن تتأثر العلاقات الأمنية بين البلدين بشكل كبير نتيجة لهذا القرار، مما قد يؤدي إلى إعادة تقييم استراتيجيات التعاون الأمني في المنطقة.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى من غير الواضح كيف ستستجيب الولايات المتحدة لقرار بيترو وما هي الخطوات المقبلة التي ستتخذها كولومبيا. ومع استمرار التوترات، سيظل الوضع في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ تحت المراقبة. وستعتمد التطورات المستقبلية على كيفية تعامل البلدين مع هذه الأزمة والتوصل إلى حلول تُرضي الطرفين.

