أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الثلاثاء عن خطط لإعادة الاستيطان في شمال قطاع غزة، مما أثار ردود فعل واسعة النطاق. وتأتي هذه التصريحات في وقت حرج، بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية المكثفة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم في غزة، وتثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة وعملية السلام. الهدف من هذه الخطوة، وفقاً لكاتس، هو إعادة بناء المستوطنات التي تم إخلائها في عام 2005، ورفض فكرة الانسحاب الكامل من القطاع. الاستيطان في غزة يمثل نقطة خلاف رئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
جاءت تصريحات كاتس خلال اجتماع للإعلان عن بناء 1200 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بحضور مسؤولين إسرائيليين ومستوطنين. وأكد كاتس أن إسرائيل “لن تنسحب من قطاع غزة أبداً”، وأنها تسعى إلى فرض سيادتها عملياً في المنطقة. وأضاف أن الظروف الحالية توفر “فرصاً لم تكن موجودة منذ وقت طويل” لتنفيذ هذه السياسات.
مستقبل الاستيطان في غزة وتداعياته
تعتبر خطط إعادة الاستيطان في غزة بمثابة تغيير كبير في السياسة الإسرائيلية، وتتعارض مع التصريحات السابقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي نفى وجود أي خطط لبناء مستوطنات في القطاع. هذا التناقض يثير الشكوك حول التوجهات المستقبلية للحكومة الإسرائيلية، ويؤكد الانقسامات الداخلية حول هذه القضية الحساسة.
منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، دعا العديد من أعضاء الائتلاف الحاكم اليميني المتشدد إلى إعادة بناء المستوطنات في القطاع. ويرى هؤلاء أن وجود المستوطنات يعزز الأمن الإسرائيلي، ويؤكد السيطرة على الأراضي الفلسطينية.
تأثير التصريحات على مفاوضات وقف النار
تأتي هذه التصريحات في وقت تبذل فيه دول الوساطة – الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا – جهوداً مكثفة لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مطلع العام المقبل. وقد توصلت محادثات حديثة في ميامي إلى “تفاهمات واعدة” بشأن هذه المرحلة، التي تشمل تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، فإن خطط إعادة الاستيطان في غزة قد تعرقل هذه الجهود، وتزيد من تعقيد المفاوضات. فقد أعربت دول عربية ومنظمات دولية عن قلقها البالغ إزاء هذه الخطط، واعتبرتها عقبة أمام تحقيق السلام الدائم.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أعربت العديد من الدول العربية عن رفضها القاطع لخطط إعادة الاستيطان في غزة، واعتبرتها انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. كما حذرت من أن هذه الخطط قد تؤدي إلى تصعيد العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء هذه التصريحات، ودعت إسرائيل إلى الامتناع عن أي خطوات قد تعرقل عملية السلام. كما أكدت على أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة أمام تحقيق حل الدولتين.
وفي تصريح له، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنه يتوقع بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة مطلع عام 2026، مشيراً إلى أن “مناقشات ميامي” ركزت على العقبات التي تحول دون انتقال الاتفاق إلى مرحلته التالية. كما أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن أمله في الإعلان عن الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق في يناير المقبل.
تحديات مستقبلية وآفاق الحل
تظل قضية الوضع في غزة معقدة للغاية، وتواجه العديد من التحديات. فإعادة الاستيطان في القطاع قد تؤدي إلى تصعيد العنف، وتزيد من حدة الصراع. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الخطط قد تعرقل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام الدائم.
في الوقت نفسه، فإن استمرار الوضع الحالي في غزة غير مستدام. فالقطاع يعاني من أزمة إنسانية حادة، ويعيش سكانه في ظروف معيشية صعبة. لذلك، من الضروري إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، تضمن حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم في غزة خلال الأسابيع القادمة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على استعداد الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لتقديم تنازلات متبادلة، والالتزام بتنفيذ الاتفاق. كما أن دور دول الوساطة، وخاصة الولايات المتحدة ومصر وقطر، سيكون حاسماً في تحقيق هذا الهدف.

