كشفت قوات الدفاع الإسرائيلية ووكالة الأمن الإسرائيلية عن شبكة سرية لتبادل الأموال تابعة لحركة حماس، تعمل في وسط تركيا “تحت توجيه إيران”، وذلك وفقًا لوثائق وبيانات صدرت هذا الأسبوع. وتثير هذه الاكتشافات مخاوف بشأن دور تركيا في تمويل حماس، وتأثير ذلك على الأمن الإقليمي. وقد بلغت التحويلات المالية مئات الملايين من الدولارات، مما يشير إلى بنية تحتية مالية كبيرة تستخدم لإعادة بناء قدرات الحركة.

شبكة تمويل حماس السرية في تركيا

وبحسب وكالات الأمن الإسرائيلية، فإنّ هذه الشبكة التي تتمركز في تركيا تتلقى وتخزن وتحول الأموال الإيرانية. وتتكون الشبكة من أفراد من غزة مقيمين في تركيا، والذين يستغلون البنية المالية للبلاد لتحويل الأموال بشكل كبير. ويأتي هذا الكشف في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيداً في التوترات، ويتقاطع مع نقاشات مستمرة في الولايات المتحدة حول الدور الإقليمي لتركيا وعلاقتها بحماس.

تفاصيل الشبكة وأفرادها الرئيسيون

حددت قوات الدفاع الإسرائيلية ووكالة الأمن الإسرائيلية ثلاثة أفراد من غزة يعملون في تركيا ويعتبرون مركزيين في هذه الشبكة وهم: تامر حسن، المسؤول الكبير في مكتب حماس المالي في تركيا والذي يعمل مباشرة تحت إشراف خليل الحية، بالإضافة إلى صرافي العملات خليل فروانة وفاريد أبو دير. وتظهر الوثائق التي تم الكشف عنها سجلات لتحويلات العملات التي تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات، وهي تمثل جزءًا صغيرًا فقط من النشاط الكلي للشبكة، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.

وتشير المعلومات إلى أن الدعم الإيراني لحماس مستمر، وأن الحركة تواصل إعادة بناء قدراتها العملياتية خارج قطاع غزة. وهذا يشكل تهديدًا متزايدًا للأمن الإقليمي، خاصة مع استمرار الصراع في المنطقة. وتعتبر إيران من أبرز الداعمين لحماس، حيث تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة.

ردود الفعل والتحليلات

أثارت هذه الاكتشافات تساؤلات حول مدى علم السلطات التركية بهذه الأنشطة، وما إذا كانت تتخذ إجراءات للحد من استخدام أراضيها لتمويل الإرهاب. يذكر أن تركيا استضافت قادة حماس لسنوات، وتسعى للحصول على دور قيادي في غزة بعد الحرب. سينان جيدى، خبير في الشؤون التركية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، صرح بأن الحماية السياسية التي تمنحها أنقرة لحماس، إلى جانب معارضتها للإجراءات العسكرية الإسرائيلية، قد خلقت ملاذاً آمناً يصعب إغلاقه بالضغوط الإسرائيلية وحدها.

إضافة إلى ذلك، يرى جيدى أن وجود أفراد تابعين لحماس في تركيا يدل على تنويع الحركة لبصمتها المالية للتهرب من العقوبات والقيود الحدودية. ويضيف أن هذا الأمر يمثل “تحذيراً استراتيجياً” لإسرائيل بأن إيران تترسخ بعمق في النظام الاقتصادي التركي، وأن ذلك يمكّن وكيلًا إقليميًا من التجدد ونشر القوات. وإذا لم يتم التعامل مع الأمر، فقد تؤدي هذه الشبكة إلى تمويل هجمات مستقبلية وتوسيع نفوذ حماس في جميع أنحاء المنطقة، مما يقوض أهداف الحرب الإسرائيلية وأمنها على المدى الطويل.

من جانبها، أشارت غونول تول، زميلة باحثة في معهد الشرق الأوسط ومؤلفة كتاب “حرب أردوغان: صراع رجل قوي في الداخل وسوريا”، إلى أن موقف تركيا المتشدد تجاه غزة مرتبط ارتباطًا وثيقًا ببقاء أردوغان السياسي الداخلي ودعمه المستمر للحركات الإسلامية في المنطقة. وأوضحت أن أردوغان يسعى دائمًا إلى تصوير نفسه على أنه بطل القضية الفلسطينية، ويضطر إلى اتخاذ مواقف قوية ضد إسرائيل بناءً على طلب قاعدته الانتخابية المحافظة.

ومع ذلك، لفتت تول إلى أن أردوغان كان أيضًا عمليًا في تعاملاته خلف الكواليس، خاصةً مع واشنطن. وأشارت إلى أن قيادة حماس قد طُلب منها مغادرة تركيا بهدوء، وأن تركيا تبذل قصارى جهدها لتجنب إغضاب الإدارة الأمريكية. كما ذكرت أن أردوغان ضغط على حماس لقبول مقترح ترامب لغزة، والذي تضمن أحكامًا لا تفضل الحركة.

الوضع المالي لحماس، والتمويل من إيران، يثيران قلقًا متزايدًا، حيث يُنظر إلى ذلك على أنه تدهور في الاستقرار الإقليمي. وتشير التقارير إلى أن إيران قامت بتهريب مليار دولار إلى حزب الله هذا العام على الرغم من العقوبات الأمريكية، مما يؤكد قدرتها على الاستمرار في دعم الجماعات المسلحة.

وحذرت قوات الدفاع الإسرائيلية ووكالة الأمن الإسرائيلية في بيان رسمي من أن الأفراد والمؤسسات التي تتورط في التعامل مع هذه الشبكة أو أي فروع مالية أخرى تابعة لحماس تخاطر بالمساهمة في تمويل الإرهاب وتسهيل جهود الحركة لإعادة بناء بنيتها التحتية في الخارج. وقد دعت السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات دولية لمكافحة تمويل الإرهاب.

لم يرد سفير تركيا على طلب للتعليق من قناة فوكس نيوز. ومن المتوقع أن يراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات المتعلقة بتمويل حماس، خاصةً فيما يتعلق بدور تركيا وإيران. الخطوات التالية قد تشمل مزيدًا من التحقيقات الدولية، وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المتورطة، ومزيدًا من الضغط على تركيا للحد من أنشطة حماس على أراضيها. المستقبل سيحمل توضيحات حول مدى تأثير هذه الشبكة على الصراع الدائر، وما إذا كانت ستؤدي إلى تصعيد جديد في التوترات الإقليمية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version