أعلنت حكومة هونغ كونغ عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لإعادة تقييم نظام البناء والإشراف عليه في المدينة، وذلك في أعقاب حريق تاى بو المدمر الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 159 شخصًا في أواخر نوفمبر. يهدف هذا الإجراء إلى منع تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل، مع التركيز على مساءلة المسؤولين وتحديد الثغرات في الأنظمة الحالية.
أكد رئيس تنفيذي هونغ كونغ، جون لي، على ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة، مشيرًا إلى أن التحقيقات الأولية كشفت عن “إخفاقات في مراحل مختلفة” من عملية البناء والتجديد. وقد أدت هذه الكارثة إلى اعتقال 13 شخصًا للاشتباه في تسببهم في الوفاة، بالإضافة إلى اعتقال ما يقرب من 12 آخرين من قبل لجنة مكافحة الفساد بتهم تتعلق بممارسات فساد مرتبطة بالحريق.
حريق تاى بو: تفاصيل الحادث والتحقيقات الجارية
اندلع الحريق في مجمع وانغ فوك كورت السكني في منطقة تاى بو، الواقعة في الأراضي الجديدة الشمالية، حوالي الساعة 2:50 ظهرًا في 26 نوفمبر. سرعان ما تصاعد الحريق، مما استدعى رفع مستوى الإنذار إلى الدرجة الخامسة، وهي أعلى درجة إنذار في هونغ كونغ. وقد أظهرت الصور المتداولة من مكان الحادث ألسنة اللهب تلتهم سقالات الخيزران المحيطة بالمباني، مع تصاعد أعمدة الدخان الكثيف من عدة طوابق.
الضحايا والبحث عن المفقودين
أفادت الشرطة في هونغ كونغ أنها أكملت عمليات البحث في جميع المباني المتضررة السبعة، وتمكنت من تحديد هوية 140 من الـ 159 ضحية حتى الآن. وتستمر الجهود في تحديد هوية الضحايا المتبقين وتقديم الدعم لأسرهم. وقد أشار شهود عيان، مثل المتقاعد تشان كوونغ تاك، إلى أن أجهزة إنذار الحريق لم تعمل عند اندلاع الحريق، مما زاد من حجم الكارثة.
الإجراءات الحكومية والإصلاحات المقترحة
أكد رئيس تنفيذي هونغ كونغ على أن الحكومة ستعمل على معالجة “العقبات التي تضعها المصالح الخاصة” ومحاسبة جميع المسؤولين، بغض النظر عن مناصبهم. وأضاف أن الهدف هو “كشف الحقيقة وتحقيق العدالة وراحة أرواح الضحايا وتخفيف معاناة الناجين”. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت وزيرة التنمية، بيرناديت لين هون هو، عن مراجعة شاملة لقواعد السلامة المتعلقة بالسقالات وشبكات الحماية.
تشير التقارير إلى أن سبب الحريق قد يكون عدم الامتثال لمعايير السلامة في الصناعة، وليس بسبب سقالات الخيزران نفسها، على الرغم من أن الخيزران أقل مقاومة للحريق مقارنة بالمعادن. ومع ذلك، يركز التحقيق على مدى الالتزام باللوائح والإجراءات الوقائية.
تأثير الحريق على أنظمة السلامة من الحرائق
أثار حريق تاى بو تساؤلات حول فعالية أنظمة السلامة من الحرائق في المباني القديمة في هونغ كونغ، وخاصة تلك التي تخضع لأعمال تجديد. وتشير التحقيقات الأولية إلى وجود ثغرات في عمليات التفتيش والمراقبة، بالإضافة إلى نقص في الصيانة الدورية لأجهزة الإنذار والإطفاء. كما سلط الحريق الضوء على أهمية تدريب العمال والمقيمين على إجراءات السلامة والإخلاء في حالات الطوارئ.
بالإضافة إلى ذلك، يثير الحريق نقاشًا حول استخدام مواد البناء المقاومة للحريق، وضرورة تحديث القوانين واللوائح المتعلقة بالبناء والتجديد. وتشير بعض الآراء إلى أن الاعتماد على الخيزران كمادة أساسية في السقالات قد يكون غير كافٍ في ظل الظروف الحالية، وأن هناك حاجة إلى استبداله بمواد أكثر أمانًا.
تعتبر قضية السلامة من الحرائق في هونغ كونغ ذات أهمية متزايدة، خاصة مع وجود عدد كبير من المباني القديمة التي تحتاج إلى تجديد وصيانة. ويشكل حريق تاى بو نقطة تحول في هذا الصدد، حيث يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة لضمان سلامة السكان.
من المتوقع أن تقدم اللجنة المستقلة تقريرها النهائي في غضون ستة أشهر، مع توصيات بشأن الإصلاحات اللازمة في نظام البناء والإشراف عليه. وستشمل هذه التوصيات على الأرجح مراجعة القوانين واللوائح، وتعزيز عمليات التفتيش والمراقبة، وتحسين تدريب العمال والمقيمين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى سرعة تنفيذ هذه الإصلاحات، وما إذا كانت ستكون كافية لمنع تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل.

