تعتبر فضيحة فساد البرلمان الأوروبي، التي بدأت في نهاية عام 2022، واحدة من أكبر القضايا التي تهدد مصداقية المؤسسات الديمقراطية في أوروبا. وتتعلق هذه الفضيحة باتهامات خطيرة بتلقي رشاوى من دول خارج الاتحاد الأوروبي بهدف التأثير على القرارات السياسية داخل البرلمان. ولا تزال التحقيقات جارية، وتثير تساؤلات حول نزاهة الإجراءات المتبعة والمسؤولين المتورطين.
في قلب هذه القضية، وجدت نائبة البرلمان الأوروبي السابقة، إيفا كايلي، نفسها متهمة بالفساد وتلقي أموال من قطر والمغرب وموريتانيا. بعد ثلاث سنوات من بدء التحقيقات، لم يتم تحديد موعد للمحاكمة بعد، وتتعرض أساليب السلطات البلجيكية لتدقيق متزايد. وتصر كايلي على براءتها، وتتهم السلطات البلجيكية بتلفيق الأدلة والتلاعب بالرأي العام.
فضيحة فساد البرلمان الأوروبي: تطورات مستمرة وتساؤلات حول الإجراءات
بدأت الفضيحة في ديسمبر 2022، عندما نفذت السلطات البلجيكية سلسلة من المداهمات واسعة النطاق، بما في ذلك منزل كايلي في بروكسل. وتم العثور على مبالغ كبيرة من النقود، بما في ذلك حقيبة مليئة بأوراق نقدية من فئة 500 يورو، مما أثار جدلاً واسعاً حول مصدر هذه الأموال وعلاقتها باتهامات التأثير على القرارات البرلمانية.
ألقي القبض على كايلي ورفضت المناعة البرلمانية عنها. كما تم القبض على شريكها، فرانشيسكو جيورجي، ووالدها، واتهامهم بالتورط في مخطط الفساد المزعوم. وبلغ إجمالي الأموال التي تم ضبطها أكثر من 1.5 مليون يورو، وفقًا للسلطات البلجيكية.
طوال فترة التحقيق، أكدت كايلي أنها لم يكن لديها أي صلة شخصية بالأموال التي تم العثور عليها في منزلها، وأشارت إلى نائبة البرلمان الأوروبي السابقة، بيير أنطونيو بانزيري، كشخصية رئيسية في القضية. وتزعم كايلي أن لديها تفويضًا من البرلمان الأوروبي لإقامة علاقات مع دول الخليج، مستندة إلى رسائل بريد إلكتروني داخلية.
وتنفي قطر والمغرب بشكل قاطع الاتهامات المتعلقة بتقديم رشاوى بهدف التأثير على السياسيين الأوروبيين. ومع ذلك، تواصل السلطات البلجيكية تحقيقاتها في هذه الادعاءات.
التحقيقات تواجه صعوبات وتغييرات في القيادة
واجهت التحقيقات في فضيحة فساد البرلمان الأوروبي العديد من العقبات، بما في ذلك استقالة شخصيات رئيسية في القضية. استقال القاضي الرئيسي في التحقيق، ميشيل كليز، في عام 2023 بسبب مخاوف تتعلق بتضارب المصالح، على الرغم من نفيه أن يكون ذلك قد أثر على سير التحقيق.
كما استقال المدعي العام الفيدرالي البلجيكي المسؤول عن القضية، رفائيل مالاغنيني، في عام 2023 لتولي منصب آخر. وقد أثارت هذه التغييرات تساؤلات حول استقلالية التحقيق ومساره.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضت الأساليب التي استخدمتها السلطات البلجيكية، بما في ذلك جهاز المخابرات، لانتقادات. قضت كايلي أربعة أشهر في الحبس الاحتياطي قبل إطلاق سراحها تحت المراقبة الإلكترونية. وقالت محاميها في ذلك الوقت إن معاملتها في السجن كانت بمثابة تعذيب.
كما أثيرت تساؤلات حول الطريقة التي تم بها رفع حصانتها البرلمانية، والتي يرى محاموها أنها تمت بشكل غير قانوني، وطبيعة وتوقيت التسريبات الحساسة التي نشرت في الصحافة، والتحقيقات المضادة التي أجريت.
اتهامات بالتحيز ضد دول جنوب أوروبا
أعربت كايلي عن قلقها بشأن ما وصفته بـ “نمط مقلق” يتعلق باستهداف المسؤولين من دول جنوب أوروبا العاملين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى قضية فيديريكا موغيريني، رئيسة الدبلوماسية الأوروبية السابقة، التي استقالت من منصبها كمستشارة في كلية أوروبا بسبب مزاعم فساد.
وقالت كايلي إن هناك ميلًا إلى “هجوم سهل” على دول جنوب أوروبا وخلق سردية مفادها أن هذه الدول أكثر عرضة للفساد. وأكدت أنها تتحدث علنًا على الرغم من الصعوبات التي تواجهها هي وعائلتها، لأنها لا تريد أن يتعرض أي شخص آخر لمثل هذه التجربة.
لم ترد النيابة العامة البلجيكية على طلب للتعليق على هذه الاتهامات.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في فضيحة فساد البرلمان الأوروبي لعدة أشهر قادمة. ويترقب المراقبون تحديد موعد للمحاكمة، والكشف عن المزيد من التفاصيل حول الأدلة التي تم جمعها، والتحقق من صحة ادعاءات كايلي بشأن الإجراءات المتبعة. وستظل هذه القضية موضع اهتمام كبير، حيث أنها تثير تساؤلات مهمة حول نزاهة المؤسسات الديمقراطية في أوروبا ومكافحة الفساد.

