تصاعدت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران يوم الاثنين، حيث واجه المتظاهرون قوات الأمن في طهران ومشهد، فيما استخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع وسط إضرابات واشتباكات في الشوارع، وذلك وفقًا لتقارير إخبارية. وتأتي هذه التطورات في ظل تدهور اقتصادي حاد وغضب شعبي متزايد، مما يضع النظام الإيراني تحت ضغط متزايد. وتعتبر الاحتجاجات في إيران تعبيرًا عن استياء عميق الجذور.
تدهور الأوضاع الاقتصادية وتصاعد الغضب الشعبي في إيران
شهدت مناطق مركزية في طهران تحولًا إلى بؤر توتر، حيث اشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن التابعة للنظام بالقرب من المناطق الحكومية والتجارية الرئيسية. وأفادت مصادر من عين المكان بإطلاق الشرطة للغاز المسيل للدموع واستخدام الهراوات لتفريق الحشود، بينما رد المتظاهرون بهتافات منددة بالسلطة وبتصدي قوات الأمن، مما أدى إلى تراجعها من بعض المناطق.
استمرت الإضرابات والاحتجاجات التي ينظمها التجار في جميع أنحاء إيران، مع إغلاق العديد من المحلات التجارية في المراكز التجارية الرئيسية، بما في ذلك سوق طهران الكبير وشوارع لالة زار وناصر خسرو وساحة إسطنبول. هتف المتظاهرون بشعارات مناهضة للحكومة تطالب بإسقاط رجال الدين الحاكمين وتنحي القيادة.
انتشار الاحتجاجات إلى مدن أخرى
وبحلول ظهر الاثنين، امتدت الاحتجاجات إلى مدينة مشهد شمال شرق البلاد، حيث تجمع المتظاهرون في الساحات المركزية واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت الهراوات. ورد المتظاهرون بالمثل، وتصاعدت حدة المواجهات. وذكرت وكالة فارس للأنباء، التي تديرها الحرس الثوري الإيراني، أن “شهود عيان أبلغوا عن وجود خلايا صغيرة تتكون من خمسة إلى عشرة أفراد يهتفون بشعارات تتجاوز المطالب الاقتصادية”.
في الوقت نفسه، أفادت وكالة إيران إنترناشيونال بأن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أمر وزير داخليته بفتح حوار مع ممثلي المتظاهرين، وهو أول رد فعل رسمي من الرئيس على الاحتجاجات. وتشير التقارير إلى أن هذه الاحتجاجات تعكس حالة من عدم الرضا المتزايد تجاه السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام.
تأثير الاحتجاجات على الاقتصاد الإيراني
تواجه إيران أزمة اقتصادية حادة، حيث انخفض الريال الإيراني إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار الأمريكي. وأظهرت البيانات الرسمية أن التضخم السنوي بلغ 52.6٪ في ديسمبر، في حين بلغ متوسط التضخم السنوي 42.2٪. هذا التدهور الاقتصادي يفاقم من حالة الغضب الشعبي ويدفع المزيد من الناس إلى المشاركة في الاحتجاجات. الوضع الاقتصادي هو أحد المحركات الرئيسية للاحتجاجات الحالية.
وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت هتافات ضد المسؤولين الحكوميين وإحباطًا متزايدًا بين التجار، وهي مجموعة طالما اعتبرت ركيزة أساسية لدعم النظام. وتشير هذه التطورات إلى أن النظام الإيراني يواجه تحديًا كبيرًا في الحفاظ على سلطته.
ردود الفعل الدولية
تلقت الاحتجاجات اهتمامًا دوليًا، حيث دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، المتظاهرين إلى الانتفاض في مقطع فيديو نشره على منصة X. وقال بينيت: “الشعب الإيراني لديه ماضٍ مجيد، ويمكن أن يكون لديه مستقبل أكثر مجدًا. هذا المستقبل يعتمد على كل واحد منكم”.
كما علق وزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، قائلاً إنه ليس من المستغرب أن يتخذ الإيرانيون إلى الشوارع في ظل اقتصاد ينهار، والذي يحمل النظام مسؤولية تدهوره بسبب “تطرفه وفساده”. وأضاف: “الشعب الإيراني يستحق حكومة تمثيلية تخدم مصالحه – وليس مصالح رجال الدين وأعوانهم”.
العلاقات الدولية لإيران تخضع لتدقيق متزايد في ظل هذه التطورات.
المستقبل المجهول للاحتجاجات
زعمت المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) في وقت سابق من اليوم أن قوات الأمن التابعة للحرس الثوري الإيراني قد وضعت في حالة تأهب قصوى في طهران، مع وجود وحدات إضافية في حالة استعداد في المحافظات المجاورة. ولم يتم التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل.
في بيان لها، دعت مريم رجوي، الرئيس المنتخب للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى دعم التجار المضربين، مشيرة إلى أن الاحتجاجات تعكس غضبًا شعبيًا تجاه ارتفاع الأسعار والتضخم والقمع السياسي. من المتوقع أن يستمر الوضع في إيران في التدهور ما لم يتخذ النظام خطوات ملموسة لمعالجة المطالب الشعبية. وما يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى تغييرات سياسية كبيرة، ولكنها تشير بالتأكيد إلى أن النظام الإيراني يواجه تحديًا وجوديًا.

