أحبطت السلطات البريطانية مؤخرًا مخططًا إرهابيًا مستوحى من تنظيم داعش استهدف المجتمع اليهودي في مانشستر، مما أدى إلى إدانة ثلاثة رجال بتهمة التخطيط لهجوم مسلح واسع النطاق. وقد أثارت هذه القضية مخاوف متجددة بشأن سلامة اليهود في بريطانيا، وتؤكد على استمرار التهديد الإرهابي الذي يواجهه هذا المجتمع. ووفقًا للسلطات، كان الهجوم المخطط له يمكن أن يكون الأكثر دموية في تاريخ المملكة المتحدة.
والرجال المدانون هم: وليد سعادوي، 38 عامًا، وأمار حسين، 52 عامًا، اللذان أدينوا بالتخطيط لهجوم مسلح على أهداف يهودية في مانشستر، وبيلال سعادوي، 36 عامًا، شقيق وليد، الذي أدين بالفشل في الإبلاغ عن معلومات تتعلق بالمخطط. وقد تم الكشف عن هذه الخطة من خلال عملية شرطية سرية.
مخطط إرهابي معقد يستهدف المجتمع اليهودي
كشفت التحقيقات أن المتهمين خططوا لشن هجوم مسلح متجول باستخدام أسلحة عسكرية. قام سعادوي بدفع دفعة أولى لشراء أربعة بنادق هجومية من طراز AK-47، ومسدسين، ومئات الطلقات، وذلك من خلال الأموال التي جمعها بعد بيع منزله وعمله.
وبحسب ما ذكرت الشرطة، كان سعادوي معجبًا بحميد عبود، العضو البارز في تنظيم داعش الذي قاد الهجمات الإرهابية في باريس عام 2015، وكان يسعى إلى تكرار نمط مماثل من العنف الجماعي. وقد صرح سعادوي لمخبر سري بأنه يريد قتل “الشباب والشيوخ والنساء وكبار السن، جميعهم”، ووصف الضحايا المسيحيين بأنهم “مكافأة إضافية”.
تفاصيل العملية السرية والاعتقالات
بالإضافة إلى ذلك، خطط المتهمون للتنقل بين المواقع المختلفة، وكانوا ينوون قتل ضباط الشرطة الذين قد يستجيبون للهجوم. وقد سافر سعادوي وحسين إلى المنحدرات البيضاء في دوفر في شهري مارس ومايو 2024 لمراقبة إجراءات الأمن في الميناء، اعتقادًا منهما أنهما يراقبان كيفية تهريب الأسلحة إلى المملكة المتحدة.
تم إحباط المخطط في 8 مايو 2024، عندما تم القبض على سعادوي أثناء محاولته استلام الأسلحة والذخيرة خلال العملية السرية. وقد أظهرت لقطات كاميرا الجسم التي ارتدها ضباط الشرطة لحظة القبض عليه بعد تسليم الأسلحة مباشرة.
تزايد المخاوف الأمنية والتوترات المجتمعية
تأتي هذه القضية في أعقاب حوادث أخرى أثارت القلق بشأن سلامة المجتمع اليهودي في مانشستر. ففي أكتوبر الماضي، وقع هجوم خارج كنيس يهودي في مانشستر، حيث دهس مهاجم المشاة وطعن المصلين خلال خدمات يوم الغفران، مما أسفر عن مقتل رجلين يهوديين. وأعلنت السلطات البريطانية أن الحادث كان هجومًا إرهابيًا.
وتذكر هذه الأحداث بالهجوم الإرهابي الذي استهدف مانشستر أرينا في عام 2017، والذي أدى إلى مقتل 22 شخصًا في هجوم انتحاري مستوحى من تنظيم داعش. ويعتبر هذا الهجوم الأكثر دموية في المملكة المتحدة منذ هجمات لندن في 7 يوليو 2005.
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تدهور حاد في شعور اليهود البريطانيين بالأمان. فقد أظهر استطلاع نشرته حملة مكافحة معاداة السامية في ديسمبر 2025 أن 51٪ من اليهود البريطانيين لا يعتقدون أن لديهم مستقبلًا طويل الأمد في المملكة المتحدة. وذكر 61٪ منهم أنهم فكروا في مغادرة البلاد خلال العامين الماضيين، بسبب معاداة السامية والمخاوف الأمنية.
كما أظهر الاستطلاع أن 96٪ من المستجيبين يعتقدون أن اليهود أقل أمانًا في المملكة المتحدة منذ هجمات حماس الإرهابية على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، بينما أفاد 59٪ منهم بأنهم يتجنبون ارتداء علامات تدل على هويتهم اليهودية في الأماكن العامة خوفًا من معاداة السامية.
وتشير التقارير إلى أن الثقة في الشرطة والنظام القضائي منخفضة أيضًا. فقد قال 14٪ فقط من المستجيبين إن الشرطة تفعل ما يكفي لحماية المجتمعات اليهودية، و8٪ منهم قالوا إن النظام القضائي يعاقب بشكل كافٍ الجرائم المعادية للسامية، و7٪ منهم قالوا إن النيابة العامة تبذل جهودًا كافية لتقديم الجناة إلى العدالة.
من المتوقع أن تستمر السلطات البريطانية في تعزيز إجراءات الأمن حول المواقع اليهودية الرئيسية، وأن تزيد من التعاون مع وكالات الاستخبارات الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف. كما من المرجح أن يتم إجراء مراجعة شاملة لسياسات مكافحة معاداة السامية لضمان حماية حقوق وسلامة المجتمع اليهودي. وستراقب السلطات عن كثب أي تطورات جديدة في هذا الشأن، بما في ذلك أي محاولات لتقليد هذا المخطط الإرهابي أو التخطيط لهجمات مماثلة.

