رفضت المحكمة الأوروبية اليوم الأربعاء طعنًا قدمته شركة أمازون العملاقة، مؤكدةً التزامها بالمتطلبات الأكثر صرامةً بموجب قانون الخدمات الرقمية (DSA). تعتبر هذه القضية علامة فارقة في تطبيق قانون الخدمات الرقمية على الشركات الكبرى، وستؤثر بشكل كبير على طريقة عمل منصات التجارة الإلكترونية في الاتحاد الأوروبي. يهدف القانون إلى تنظيم المنصات الرقمية ومكافحة المحتوى غير القانوني والمنتجات الضارة عبر الإنترنت.

أمازون تخسر معركتها ضد تصنيف “منصات رقمية كبيرة جدًا” بموجب قانون الخدمات الرقمية

جادلت أمازون بأن منصتها للتجارة الإلكترونية لا تشكل مخاطر منهجية تتطلب تطبيق هذه القواعد الصارمة. ومع ذلك، رأت المحكمة أن جميع المنصات الرقمية الكبيرة جدًا، بما في ذلك الأسواق الإلكترونية، يجب أن تخضع لنفس المعايير. يعود هذا إلى إمكانية تعرض عدد كبير من المستخدمين لمحتوى غير قانوني من خلال هذه المنصات.

وفقًا لبيان صادر عن المحكمة، فإن التمييز بين المنصات الرقمية بناءً على عدد المستخدمين ليس تعسفيًا أو غير مناسب لتحقيق هدف منع هذه المخاطر. يُذكر أن قانون الخدمات الرقمية يدخل حيز التنفيذ منذ عام 2023، ويلزم المنصات باتخاذ إجراءات لمنع انتشار المحتوى والمنتجات غير القانونية.

التأثير على التزامات أمازون

باعتبار أمازون واحدة من 25 كيانًا تم تصنيفها على أنها “منصات رقمية كبيرة جدًا” (VLOPs) من قبل المفوضية الأوروبية، نظرًا لامتلاكها أكثر من 45 مليون مستخدم شهريًا، فإنها تخضع لالتزامات أكثر صرامة. يشمل ذلك متطلبات إعداد تقارير أكثر تكرارًا ورسوم إشرافية تُدفع للمفوضية.

أثارت أمازون مخاوف بشأن تأثير هذا التصنيف على حقوقها الأساسية، بما في ذلك حرية ممارسة الأعمال التجارية وحماية المعلومات السرية. لكن المحكمة الأوروبية أكدت أن الالتزامات المفروضة بموجب قانون الخدمات الرقمية لا تمس جوهر حرية ممارسة الأعمال التجارية، وأنها مبررة لحماية الحقوق الأساسية الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، رفضت المحكمة سابقًا طلبًا من أمازون بوقف تنفيذ القانون بشكل مؤقت حتى يتم البت في الطعن. كانت أمازون تخشى أن يؤدي الكشف عن تفاصيل طرقها الإعلانية، كما يتطلب القانون، إلى الكشف عن أسرار تجارية لمنافسيها.

رد فعل أمازون والخطوات التالية

أعربت أمازون عن خيبة أملها من الحكم، وأعلنت أنها ستستأنف أمام محكمة العدل الأوروبية. وقالت الشركة في بيان لها إن متجر أمازون، بصفته سوقًا إلكترونية، لا يشكل أي مخاطر منهجية، وأنه يقتصر على بيع السلع ولا ينشر أو يضخم المعلومات أو الآراء.

يأتي هذا القرار بعد حكم مماثل في سبتمبر الماضي، حيث قضت المحكمة الأوروبية بأن شركة Zalando الألمانية ملزمة بأحكام المنصات الرقمية الأكثر صرامة، رافضةً بذلك ادعاءات الشركة بأن عدد مستخدميها أقل بكثير مما قدرته المفوضية الأوروبية.

هذه الأحكام تعزز سلطة الاتحاد الأوروبي في تنظيم المنصات الرقمية وفرض الشفافية والمساءلة عليها. كما أنها تشير إلى اتجاه متزايد نحو تنظيم الإنترنت لحماية المستخدمين ومكافحة المعلومات المضللة والمحتوى غير القانوني.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول تطبيق قانون الخدمات الرقمية وتأثيره على الشركات الرقمية في الأشهر المقبلة. سيكون من المهم مراقبة تطورات الاستئناف الذي تعتزم أمازون تقديمه، وكذلك كيفية استجابة الشركات الأخرى للأحكام الصادرة.

في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر هذه الأحكام على سلوك المستهلكين أو على المنافسة في سوق التجارة الإلكترونية. ومع ذلك، فإنها تمثل خطوة مهمة نحو إنشاء بيئة رقمية أكثر أمانًا وموثوقية في الاتحاد الأوروبي.

تعتبر هذه القضية جزءًا من جهود أوسع نطاقًا من قبل الاتحاد الأوروبي لتنظيم التجارة الإلكترونية وحماية حقوق المستهلكين. من المتوقع أن يتم إصدار المزيد من القوانين واللوائح في هذا المجال في المستقبل القريب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version