يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا حاسمًا قد يحدد المرحلة التالية من سياسته في الشرق الأوسط: ما إذا كان سيسمح للقوات التركية بالدخول إلى غزة كجزء من قوة استقرار مدعومة من الولايات المتحدة. هذه الخطوة، التي تعمل أنقرة على دعمها، أثارت القلق في إسرائيل ودول عربية متحالفة ترى في طموحات تركيا وصلاتها الإسلامية تهديدًا للاستقرار الإقليمي.

ذكرت صحيفة “ميدل إيست آي” أن تركيا تستعد لإرسال لواء يضم ما لا يقل عن 2000 جندي من مختلف فروع جيشها للمشاركة في المهمة بمجرد الموافقة على تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. رفضت إسرائيل الفكرة بشكل قاطع، حيث صرح متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية للصحفيين بأنه “لن تكون هناك أقدام تركية على الأرض”.

ترامب يشير إلى ثقة جديدة في أردوغان، مما يثير مخاوف بشأن طموحات تركيا في غزة وما بعدها

قال دان ديكر، رئيس مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، إن ترامب يجب أن يدرك عمق الانقسام الأيديولوجي بين إسرائيل وحكومة أردوغان. وأضاف ديكر أن “ترامب مقاتل اقتصادي وصانع صفقة. إنه يريد وضع الجميع في صفقته الإقليمية في الشرق الأوسط من خلال احتضان الأعداء والأصدقاء على حد سواء، لكنه لا يأخذ في الاعتبار العداء العميق الجذور الذي تتجسده حكومة أردوغان. تركيا ليست صديقة للولايات المتحدة والتحالف الغربي، على الرغم من أنها عضو في حلف الناتو. إنها حاليًا في مهمة لتأكيد نفسها كقوة إسلامية إمبراطورية في الشرق الأوسط”.

وحذر ديكر من أن طموحات أردوغان، إلى جانب دعمه لحماس، تشكل تحديًا مباشرًا لكل من إسرائيل وحلف الناتو. “تريد أن تتحدث عن محتل؟ إنهم المحتلون الرئيسيون لسوريا الآن، ويرون أنفسهم كقوة إسلامية حاسمة في غزة. هذه لحظة خطيرة للغاية، وسيكون من الحكمة للرئيس أن يدعم إسرائيل دون شروط”.

مخاوف إسرائيلية بشأن المشاركة التركية في غزة

قال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن احتمال دخول القوات التركية إلى غزة أمر غير مقبول. وأضاف أميدرور أن “تركيا قوة تسعى للتوسع في مناطق ذات أهمية بالنسبة لنا، وبالتالي يجب ألا نقبل بوجود جيش تركي في غزة”. وأكد أن إسرائيل يجب أن تحتفظ بحرية العمل داخل غزة حتى بعد الحرب.

تستند مخاوف إسرائيل إلى سنوات من التوترات مع أنقرة، بما في ذلك دعم أردوغان لحماس، واحتضانه السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والاشتباكات حول سوريا، حيث عارضت أنقرة القوات الكردية المدعومة من إسرائيل والغرب ودعمت الميليشيات الإسلامية التي اعتبرتها إسرائيل مزعزعة للاستقرار. تميزت العلاقة الثنائية بأزمات دبلوماسية متكررة وسنوات من تبادل الاتهامات الشخصية بين أردوغان ونجموتو.

خطة ترامب للسلام في غزة وتاريخ حفظ السلام المشكوك فيه

قالت غونول تول، زميلة بارزة في معهد الشرق الأوسط ومؤلفة كتاب “حرب أردوغان: صراع رجل قوي في الداخل وفي سوريا”، إن الموقف التركي العدواني تجاه غزة مرتبط ارتباطًا وثيقًا ببقاء أردوغان السياسي المحلي ودعمه طويل الأمد للحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة. وأضافت تول أن “الهدف الأساسي هناك هو السياسة المحلية. لطالما صور أردوغان نفسه كبطل للقضية الفلسطينية، ومن قبل ناخبيه الأكثر محافظة، غالبًا ما يدفع إلى اتخاذ موقف قوي ضد إسرائيل”.

أشارت تول إلى أن أردوغان شدد لهجته بعد أن تعرض لخسائر كبيرة في الانتخابات البلدية التركية لعام 2024. وقالت إن “حزبه خسر جميع المدن الرئيسية للمعارضة، وأحد الدروس التي استخلصها أردوغان من تلك الخسارة هو أنه لم يقم بعمل جيد فيما يتعلق بغزة بالنسبة لناخبيه”. واستخدمت الأحزاب الإسلامية المتنافسة غزة لمهاجمته سياسيًا.

ومع ذلك، أشارت تول إلى أن أردوغان كان عمليًا أيضًا خلف الكواليس، خاصة في تعاملاته مع واشنطن. وقالت إن “الناس في دائرته يقولون إن قيادة حماس طُلب منها مغادرة تركيا بهدوء. إنهم يفعلون كل شيء لعدم إغضاب إدارة ترامب”.

تتولى الولايات المتحدة الآن مهمة التنقل في صراع القوى. وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية يوم الاثنين، التقى وزير الخارجية ماركو روبيو بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان لمناقشة “وقف إطلاق النار في غزة والخطوات التالية لضمان الاستقرار في المنطقة”. وسلط الاجتماع الضوء على التنسيق الوثيق مع أنقرة حتى مع امتناع واشنطن عن اتخاذ قرار بشأن إشراك القوات التركية.

ستكون الخطوة التالية التي ستتخذها إدارة ترامب حاسمة. تشير التقارير إلى أن القرار بشأن مشاركة تركيا في قوة الاستقرار في غزة سيكون حاسمًا في تشكيل مستقبل المنطقة. ينتظر المراقبون بفارغ الصبر قرار ترامب، الذي قد يكون له تأثير كبير على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version