يثير تسريب تفاصيل خطة سلام مقترحة للأزمة في أوكرانيا، قيل إنها تتضمن 28 نقطة، قلقًا في الاتحاد الأوروبي، حيث يطالب مسؤولون أوروبيون بأن تكون كييف والمزيد من القادة الأوروبيين جزءًا أساسيًا من أي مفاوضات دبلوماسية لإنهاء الحرب. وتأتي هذه المخاوف مع تقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة وروسيا تعملان على هذه الخطة بشكل سري، مما أثار تساؤلات حول دور الاتحاد الأوروبي في عملية السلام المحتملة.

ووفقًا لتقارير إعلامية أمريكية، فإن الخطة تتضمن شروطًا قد تكون غير مواتية بشكل كبير لأوكرانيا، مثل التنازل عن السيطرة الكاملة على منطقة دونباس، بالإضافة إلى فرض قيود على حجم القوات المسلحة الأوكرانية. وتزامن الكشف عن هذه الأنباء مع اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث تصدرت الحرب الروسية في أوكرانيا جدول الأعمال.

الاتحاد الأوروبي يطالب بدور أساسي في مفاوضات أوكرانيا

أكدت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، على أهمية مشاركة الأوكرانيين والأوروبيين في أي خطة سلام. وأشارت إلى أن أي مبادرة لتحقيق السلام يجب أن تحظى بموافقة الطرفين المعنيين، مع التأكيد على أن روسيا لديها القدرة على إنهاء الحرب فورًا من خلال وقف قصف المدنيين. وعبرت كالاس عن عدم علمها بأي مشاركة أوروبية في صياغة الخطة المزعومة.

وأيد ديفيد فان ويل، وزير الخارجية الهولندي، هذا الموقف، مؤكدًا أنه حتى الآن، لم يشارك الاتحاد الأوروبي في إعداد الخطة، وأن دعم الأوروبيين لأي اتفاق سلام يعتمد بشكل أساسي على موافقة أوكرانيا. وأضاف أن “بدون موافقة أوكرانيا، لن تحصلوا على دعم الأوروبيين”.

من جهتهما، دعا كل من جان نويل بارو، وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، ولارس لوكه راسموسن، وزير الخارجية الدنماركي، إلى وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط كخطوة أولى ضرورية نحو التفاوض. هذا الموقف يحظى بدعم كل من كييف وواشنطن، ولكنه قوبل برفض قاطع من قبل موسكو، بحسب التقارير.

مخاوف من التهميش الأوروبي

يثير الكشف عن هذه الخطة من قبل الولايات المتحدة وروسيا تساؤلات حول ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يخاطر بالتهميش في عملية السلام، على الرغم من كونه أكبر داعم مالي وعسكري لأوكرانيا. ومنذ إعادة انتخاب دونالد ترامب، شهد الاتحاد الأوروبي تقلبات في مشاركته في المناقشات، مما عزز الانطباع بأن الولايات المتحدة لا تولي اهتمامًا كبيرًا لوجهات نظر الأوروبيين.

علق كستوتيس بودريس، من ليتوانيا، بالقول إن الوضع لا يشكل مأساة كبيرة، مشيرًا إلى أن أوروبا ستلعب دورًا نشطًا في “المرحلة الجديدة” إذا بدأت، وستدافع عن مبادئ السيادة وسلامة الأراضي. وأضاف أن أي شيء يتعلق بأوروبا يجب أن تتم مناقشته من قبل الأوروبيين فيما يتعلق بأمنهم.

وفي محاولة لتهدئة المخاوف الغربية، صرح ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، بأن إنهاء حرب معقدة ودموية مثل الحرب في أوكرانيا يتطلب تبادلًا واسعًا للأفكار الجادة والواقعية. وأكد على أن تحقيق سلام دائم سيتطلب تنازلات صعبة من كلا الجانبين، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستواصل تطوير قائمة من الأفكار المحتملة لإنهاء الحرب بناءً على مدخلات من الطرفين. يذكر أن هذا الحرب في أوكرانيا تستمر في التأثير على الأمن الإقليمي والعالمي.

بالتزامن مع هذه التطورات، عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعًا ناقشوا فيه “الأوراق الخياراتية” التي قدمتها المفوضية الأوروبية لدعم أوكرانيا ماليًا وعسكريًا في عامي 2026 و2027، والتي تقدر بنحو 135 مليار يورو. وتتضمن هذه الأوراق خيارات مختلفة لتمويل الدعم، بما في ذلك استخدام الأصول الروسية المجمدة لإصدار قرض لإعادة الإعمار، وهو مشروع غير مسبوق، بالإضافة إلى إمكانية الاقتراض من الأسواق المالية، وهو خيار قد يواجه صعوبات بالنظر إلى الديون المتراكمة لدى بعض الدول الأعضاء.

أيدت ماريا مالمر ستينرغارد، وزيرة الخارجية السويدية، فكرة استخدام الأصول الروسية كقرض لإعادة الإعمار، واصفة إياها بأنها “بداية جيدة” لتحقيق العدالة. ودعت إلى التركيز على مسارين رئيسيين: زيادة المساعدة لأوكرانيا وزيادة الضغط على روسيا، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى “تغيير المعادلة” وإجبار الكرملين على أخذ المفاوضات السلامية على محمل الجد.

وشددت على أنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون أوكرانيا، ويجب أن يكون الأوروبيون على طاولة المفاوضات”.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه الخطة المقترحة والمشاركة الأوروبية في عملية السلام في الأيام والأسابيع القادمة. وسيكون من المهم مراقبة ردود فعل أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى التطورات في المفاوضات الدبلوماسية الجارية. ويبقى الوضع في أوكرانيا غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة لضمان تحقيق سلام دائم وعادل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version