وافق عدد من الدول الأوروبية، يوم الاثنين، على إدخال مراكز لإعادة المهاجرين في إطار تشريع جديد، وذلك في محاولة لتسريع عمليات الترحيل. يهدف هذا الإجراء، الذي يركز على ترحيل المهاجرين، إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة تدفقات الهجرة غير النظامية.
بموجب المقترح، يمكن لدول الاتحاد الأوروبي إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى دول ثالثة بغض النظر عن جنسياتهم الأصلية، طالما توجد اتفاقيات ثنائية مع هذه الدول. يمكن أن تكون هذه المراكز أماكن عبور أو مواقع يُفترض أن يبقى فيها الأفراد. يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا متزايدة للحد من الهجرة غير الشرعية.
مراكز إعادة المهاجرين: وجهة مؤقتة أم نهائية؟
تعتمد طبيعة كل مركز إعادة مهاجرين على الاتفاقيات الثنائية التي تبرمها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل فردي مع دول غير تابعة للاتحاد. يمكن أن تكون هذه المراكز نقطة عبور، كخطوة قبل إعادة الأفراد إلى بلدانهم الأصلية، أو يمكن أن تصبح مواقع دائمة لأولئك الذين ليس لديهم الحق في البقاء في الاتحاد الأوروبي.
يمكن إعادة الأفراد إلى بلدانهم الأصلية أو حتى إلى دول ثالثة، شريطة أن تلتزم هذه الدول بالمعايير القانونية الدولية وحقوق الإنسان. صرح وزير الهجرة والتكامل الدنماركي، راسموس ستوكلوند، بأن “معيار الاتصال قد أُزيل الآن، مما يسمح للدول الأعضاء بإنشاء مراكز إعادة إما كمراكز عبور، حيث تتم معالجة المهاجرين غير النظاميين قبل إرسالهم إلى بلدانهم الأصلية، أو كمرافق يمكن فيها احتجاز الشخص لفترة أطول”.
انتقادات من منظمات المجتمع المدني
انتقدت منظمات المجتمع المدني إدخال مراكز إعادة المهاجرين باعتبارها ممارسة غير إنسانية من شأنها أن تزيد من الانتهاكات وسوء معاملة المهاجرين. في بيان مشترك صدر في يوليو الماضي، حذرت أكثر من 100 منظمة، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وأكشن إيد وكاريتاس أوروبا وهيومن رايتس ووتش، من أن هذا المقترح قد يدفع الاتحاد الأوروبي بعيدًا عن القانون الدولي وقد يؤدي إلى عمليات الإعادة غير القانونية والاحتجاز التعسفي.
بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا التشريع مخاوف بشأن حماية حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، حيث قد لا تتوفر لهم إجراءات عادلة لتقييم طلباتهم. يرى البعض أن هذه المراكز قد تصبح أماكن للاحتجاز المطول دون رقابة كافية.
عمليات ترحيل أكثر “فعالية” وسعي الاتحاد الأوروبي لتسريع عمليات الطرد
تشير بيانات المفوضية الأوروبية إلى أن 20٪ فقط من أوامر الترحيل يتم تنفيذها. يهدف التشريع الجديد إلى زيادة هذا الرقم من خلال فرض عواقب قانونية أكثر صرامة على العائدين الذين لا يتعاونون مع السلطات، وسحب تصاريح العمل، وحتى فرض عقوبات جنائية، بما في ذلك السجن.
وينطبق النهج نفسه على الدول غير التابعة للاتحاد الأوروبي التي ترفض إعادة قبول مواطنيها، مما قد يؤثر بدوره على العلاقات الثنائية. شهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر توترات هذا العام بسبب ما وصفته باريس بأنه عدد غير عادي من عمليات إعادة التوطين القليلة.
يتضمن التشريع أيضًا الاعتراف المتبادل بقرارات الترحيل بين الدول الأعضاء. بموجب النظام القانوني الحالي، فإن قرار الترحيل ملزم فقط بالدولة التي أصدرته. بمجرد الموافقة على القانون الجديد، سيكون ساري المفعول في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. هذا يهدف إلى تبسيط عملية ترحيل المهاجرين عبر الحدود.
الهجرة غير الشرعية هي قضية معقدة تتطلب حلولاً شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة، فضلاً عن ضمان حماية حقوق الإنسان لجميع المهاجرين. يرى البعض أن التركيز على عمليات الطرد قد لا يكون هو الحل الأمثل، بل يجب التركيز على تعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور.
سياسة اللجوء في أوروبا تخضع لتدقيق متزايد، حيث يطالب الكثيرون بإصلاحات تضمن توزيعًا عادلاً للمسؤولية بين الدول الأعضاء. يثير هذا التشريع الجديد تساؤلات حول التوازن بين الحاجة إلى إدارة الهجرة والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
من المتوقع أن يخضع التشريع الجديد لموافقة البرلمان الأوروبي قبل دخوله حيز التنفيذ. من غير الواضح ما إذا كان البرلمان سيوافق على المقترح بصيغته الحالية، حيث من المرجح أن تشهد المناقشات جدلاً واسعاً. يجب مراقبة التطورات القادمة لمعرفة ما إذا كان هذا التشريع سيغير بشكل كبير طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي مع ترحيل المهاجرين.

