أثار إطلاق منصة “إكس” (تويتر سابقًا) لميزة جديدة تهدف إلى زيادة الشفافية جدلاً واسعًا، حيث كشفت الميزة عن مواقع تسجيل دخول عشرات الحسابات المؤيدة لروسيا والمعارضة للاتحاد الأوروبي، مما أثار اتهامات بتضليل المستخدمين. تتيح ميزة “حول هذا الحساب” للمستخدمين رؤية الموقع الجغرافي التقريبي للحساب، وتاريخ انضمامه للمنصة، وكيفية تنزيل التطبيق، في خطوة تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة والحسابات الوهمية على المنصة. هذه الخطوة تأتي في ظل انتقادات متزايدة حول انتشار المعلومات المضللة على المنصة.
أعلنت “إكس” أن هذه الميزة هي “خطوة أولى مهمة لتأمين سلامة الساحة العامة العالمية”، مع وعد بتقديم المزيد من الأدوات للتحقق من أصالة المحتوى. ومع ذلك، حذرت المنصة من أن هذه المعلومات قد لا تكون دقيقة، ويمكن أن تتأثر باستخدام شبكات VPN أو السفر أو التغييرات المؤقتة في الموقع. فريق التحقق من الحقائق في “يورونيوز” لم يتمكن من التحقق بشكل مستقل من مواقع ملفات تعريف “إكس”.
مدونات الحرب الروسية “تنشر من أيرلندا”
منذ تحديث المنصة، اكتشف مستخدمو “إكس” مجموعة من مدونات الحرب الروسية التي تنشر تحديثات متكررة من داخل روسيا، لكن “إكس” يظهر مواقعهم في أيرلندا. من بين الأمثلة ماريانا ناوموفا، لاعبة كمال الأجسام الروسية التي تحولت إلى “مراسلة حرب”، ولديها أكثر من 14 ألف متابع، وتنشر مقابلات مع جنود ومدنيين روس. تظهر أحدث منشوراتها مقاطع فيديو من منصة “Rutube” الروسية، تدعي أنها في مدينة غوروديتس الروسية.
لكن بيانات “إكس” تشير إلى أن ناوموفا ليست في روسيا، بل في أيرلندا. وحذرت المنصة من أن حسابها يظهر علامات على استخدام شبكة VPN قد تؤثر على دقة موقعها. وهي واحدة من عدة مدونات حرب روسية تظهر مواقعها في أيرلندا، ولديها معًا آلاف المتابعين. هذا يثير تساؤلات حول دوافع هذه الحسابات وأهدافها.
موثوقية الأداة قيد التدقيق
وصف نيكيتا بير، رئيس قسم المنتج في “إكس”، إطلاق الأداة بأنه يحتوي على بعض “الأخطاء”، وأضاف أن التفاصيل غير الدقيقة سيتم “تحديثها بشكل دوري بناءً على أفضل المعلومات المتاحة”. بحلول 24 نوفمبر، ادعى أن الأداة كانت “دقيقة بنسبة 99.9٪ تقريبًا”.
لكن “يورونيوز” أكدت وجود تناقضات ملحوظة. في نهاية الأسبوع، تم إدراج الحساب الرسمي لـ “يورونيوز” بشكل غير صحيح على أنه يقع في الولايات المتحدة. بحلول الثلاثاء، تغير هذا إلى فرنسا، حيث تأسست الشركة ولا تزال لديها مكاتب. كما أشار الخبراء إلى أن المنصة لا توفر الوصول إلى الطرق المستخدمة لتحديد موقع المستخدم، مما يجعل من الصعب التحقق من دقتها بشكل مستقل.
قال فيليب داريوس، باحث ما بعد الدكتوراه في مركز الحوكمة الرقمية في مدرسة هيرتي، إنها “يمكن أن تكون أداة مفيدة لتحسين الشفافية طالما أن البيانات دقيقة”. وأضاف: “لكن يجب على “إكس” استعادة وصول الباحثين إلى واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بالبحث وجعل بيانات الموقع متاحة هناك أيضًا”. وحذر أيضًا من أن تجميع العديد من الحسابات في موقع واحد قد يشير إلى وجود مزود كبير لشبكات VPN يعمل هناك، بدلاً من تقديم أدلة حول الموقع الحقيقي للمستخدم.
الحوافز المالية وراء التضليل
لاحظ العديد من المستخدمين أن غالبية الحسابات التي تم العثور عليها بمواقع غير متوافقة مع ملفاتها الشخصية لديها علامات زرقاء، مما يعني أنها اشتركت في ميزة “إكس” المميزة، والتي تسمح للمستخدمين بكسب المال من المنشورات. يحتاج مستخدمو “إكس” إلى الحصول على 500 متابع مؤكد على الأقل و 5 ملايين ظهور في الأشهر الثلاثة الماضية لبدء تحقيق الدخل من محتواهم.
وفقًا لداريوس، يمكن أن تكون الدوافع المالية سببًا محتملاً لاستخدام حساب لموضوع مثير للجدل سياسيًا من موقع مختلف تمامًا لزيادة النقرات. ومع ذلك، فإن الدوافع السياسية أو الحملات التأثيرية المنظمة ليست مستبعدة. قد تعكس الحسابات التي تنشر من مواقع غير متوقعة، وخاصة في جنوب الكرة الأرضية، وجود عمال نقر يتحدثون الإنجليزية يعملون بتكاليف عمالة أقل لحملات المعلومات.
أضاف داريوس: “العديد من هذه الحسابات الوهمية تقدم نفسها على أنها، على سبيل المثال، مؤيد لترامب وأم من الغرب الأوسط، ولكنها قد تكون موجهة بالفعل من قبل جهات خارجية ذات مصالح استراتيجية”. كما انتقد ضعف التحقق من الهوية على وسائل التواصل الاجتماعي، مع وجود فرص متعددة للمستخدمين لاستغلال الثغرات.
بشكل عام، قد تكون الأداة قد زادت الشفافية مؤقتًا، لكن من المحتمل أن يكون من السهل تجاوزها. من المتوقع أن يشهد المستخدمون المزيد من الاعتماد على شبكات VPN وتوجيه حركة المرور الخاصة بهم عبر الولايات المتحدة، على الرغم من أن ذلك يأتي مع احتكاك أكبر بسبب المراقبة المكثفة لعنوان IP الأمريكي.
من المرجح أن تواصل “إكس” تحسين هذه الميزة وتحديثها، مع التركيز على دقة البيانات والتحقق من صحتها. من المتوقع أن يتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل حول هذه التحديثات في الأشهر القادمة، مع التركيز على مكافحة التضليل والحسابات الوهمية. سيراقب الخبراء عن كثب مدى فعالية هذه الإجراءات في الحد من انتشار المعلومات الكاذبة على المنصة.

