شهدت أسواق المعادن الثمينة ارتفاعاً قياسياً في أسعار الذهب والفضة، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية وضعف الدولار الأمريكي. ووصل سعر الذهب إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، متجاوزاً 4530 دولاراً للأوقية، بينما ارتفعت الفضة بأكثر من 4.5% لتتخطى حاجز 75 دولاراً للأوقية. هذا الارتفاع يعكس تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن في ظل الأوضاع العالمية المضطربة.

جاء هذا الصعود بعد تطورات متسارعة في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك تشديد الولايات المتحدة للحصار على فنزويلا وتنفيذ غارات جوية في نيجيريا تستهدف تنظيم “داعش”. هذه الأحداث عززت المخاوف بشأن الاستقرار العالمي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر أماناً مثل المعادن الثمينة.

العوامل المحركة لارتفاع أسعار الذهب

يعزى الارتفاع الحاد في أسعار الذهب والفضة إلى عدة عوامل متضافرة. أحد أهم هذه العوامل هو ضعف الدولار الأمريكي، حيث انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.8% خلال الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض له منذ يونيو. عادةً ما يرتبط ضعف الدولار بارتفاع أسعار المعادن الثمينة، حيث تصبح أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت قرارات البنك المركزي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات متتالية في تعزيز جاذبية الذهب. تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة عاملاً إيجابياً للمعادن الثمينة، التي لا تدر عائداً في حد ذاتها. ويتوقع المحللون استمرار البنك الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في عام 2026، مما قد يدعم أسعار الذهب بشكل أكبر.

زيادة مشتريات البنوك المركزية وصناديق الاستثمار

شهدت مشتريات البنوك المركزية من الذهب ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، مما ساهم في زيادة الطلب على المعدن الثمين. كما تدفقت الأموال إلى صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة (ETFs) المدعومة بالذهب، مما أدى إلى زيادة الحيازات الإجمالية في هذه الصناديق. على سبيل المثال، ارتفعت الحيازات في صندوق SPDR Gold Trust التابع لشركة State Street Corporation بأكثر من الخمس هذا العام، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي.

الفضة شهدت أيضاً زخماً قوياً، متفوقةً على أداء الذهب في بعض الأحيان. يعزى ذلك إلى تدفقات مضاربية واضطرابات مستمرة في الإمدادات، خاصة بعد موجة الضغط التي شهدتها الأسواق في أكتوبر الماضي. ومع ذلك، لا يزال جزء كبير من الفضة المتاحة عالمياً مخزناً في نيويورك، في انتظار نتائج تحقيق تجريه وزارة التجارة الأمريكية بشأن تأثير واردات المعادن الحيوية على الأمن القومي.

تطورات أسعار المعادن الأخرى

لم يقتصر الارتفاع على الذهب والفضة فحسب، بل امتد ليشمل المعادن الأخرى مثل البلاتين والبلاديوم. ارتفع البلاتين بنسبة 4.8%، مقترباً من أعلى مستوى له منذ عام 1987، بينما صعد البلاديوم بنسبة 4%. يعكس هذا الارتفاع الواسع النطاق الطلب المتزايد على المعادن الثمينة بشكل عام، مدفوعاً بالمخاوف الجيوسياسية والآفاق الاقتصادية غير المؤكدة.

حتى الساعة 9:25 صباحاً في سنغافورة، بلغ سعر الذهب 4516.70 دولاراً للأوقية، بينما وصل سعر الفضة إلى 74.94 دولاراً. وتشير هذه الأرقام إلى استمرار الزخم الصعودي في أسواق المعادن الثمينة.

من المتوقع أن يستمر التركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية القادمة، وخاصةً تقارير التضخم والوظائف، حيث يمكن أن تؤثر هذه البيانات على قرارات البنك الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. كما أن التطورات الجيوسياسية المستمرة، بما في ذلك التوترات في فنزويلا والشرق الأوسط، ستظل عاملاً مهماً يؤثر على أسعار الذهب والفضة. سيراقب المستثمرون أيضاً نتائج تحقيق وزارة التجارة الأمريكية بشأن واردات المعادن الحيوية، حيث يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في ديناميكيات السوق.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version